بالحرمان عن السعادة الباقیة، و
لذا قال فخر الشجعان و سید ولد عدنان علیه صلوات اللّه الملک الرحمن
لأصحابه: «أیها الناس إنکم إن لم تقتلوا تموتوا و الذی نفس ابن أبی طالب
بیده لألف ضربة بالسیف علی الرأس أهون من میتة علی الفراش». و بالجملة:
کل فعل یصدر عن الشجاع فی أی وقت یکون مقتضی للعقل مناسبا لهذا الوقت واقعا
فی موقعه، و له قوة التحمل علی المصائب، و ملکة الصبر علی الشدائد و
النوائب، و لا یضطرب من شدائد الأمور، و یستخف بما یستعظمه الجمهور، و إذا
غضب کان غضبه بمقتضی العقل، و کان انتقامه مقصورا علی ما یستحسن عقلا و
شرعا، و لا یتعدی إلی ما لا ینبغی. و لیس مطلق الانتقام مذموما، فربما کان
فی بعض المواضع مستحسنا عند العقل و الشرع، و قد صرح الحکماء بأن عدم
الانتقام ممن یستحقه یحدث فی النفس ذبولا لا یرتفع إلا بالانتقام، و ربما
أدی هذا الذبول إلی بعض الرذائل المهلکة. و أما العدالة فقد عرفت أنها
عبارة عن انقیاد القوة العملیة للعاقلة، أو امتزاج القوی و تسالمها و
انقهار الجمیع تحت العاقلة، بحیث یرتفع بینها التنازع و التجاذب، و لا یغلب
بعضها علی بعض، و لا یقدم علی شیء غیر ما تسقط له العاقلة. و إنما یتم
ذلک إذا حصلت للإنسان ملکة راسخة تصدر لأجلها جمیع الأفعال علی نهج
الاعتدال بسهولة، و لا یکون له غایة فی ذلک سوی کونها فضیلة و کما لا، فمن
یتکلف أعمال العدول ریاء و سمعة أو لجلب القلوب، أو تحصیل الجاه و المال
لیس عادلا. و قس علی ذلک جمیع أنواع الفضائل المندرجة تحت الأجناس المذکورة فإنه بإزاء کل منها رذیلة شبیهة بها، فینبغی لطالب السعادة أن یعرفها