نام کتاب : شرح توحید صدوق نویسنده : القمي، القاضي سعيد جلد : 1 صفحه : 454
النسبة الى اللّه
ذي الجلال و الجمال. فأيّ شرف أعلى من الانتساب الى مبدأ الكمالات و ينبوع
الخيرات؟ لأنّ كلّ شرف و كمال فانّما هو رشحة من بحار كماله، و كلّ بهاء و جمال
فانّما هو ذرّة من أنوار حسنه و جماله. هذا بالنظر الى السبب الفاعلي، و أمّا
بالقياس الى السبب الغائي فغاية الشرف:
إن كان
دنيويّا أن يصير صاحبه منيعا من التدنّس بالأدناس و يفوق طائفة من الناس و لا يصل
إليه كلّ أحد و يستعظم في عين أهل اللّدد. و لا شك انّ بالاسلام تحقن الدّماء و
يحفظ العرض و المال في الدّنيا، و يحصل الطّهارة من دنس الجاهلية و النظافة من رجس
الشرك و كفر الأعرابية، و يستعلي على أهل الملل المختلفة و الأديان المنسوخة، لأنّ
اللّه وعد نبيّه أن يظهر الإسلام على ساير الأديان و يرفع المسلمين على أهل
العدوان فهو أعلى من كلّ شرف دنيويّ؛
و أمّا إن
كان الشرف أخرويّا، ففائدته أن لا يصل إليه حرّ الجحيم و يفوز بجنات النعيم و
ينسلك في نظم المقرّبين و يلحق بالسابقين المقرّبين؛ و لا ريب انّ أصل ذلك هو
الإسلام و التوحيد و الانقياد للّه المجيد.
ثم اعلم انّ
الشرف الحقيقي انّما هو بالانقياد التام للّه في جميع الأوامر و النواهي و الرضاء
الكامل بالقضاء الإلهي بأن يكون الإنسان: بجسمه، عبدا مملوكا لا يملك لنفسه ضرّا و
لا نفعا و لا حياة و لا موتا و كالميّت بين يدي الغاسل يقلّبه كيف يشاء ذلك
الفاعل؛ و بنفسه، من الملائكة المطيعين الّذين لا يَعْصُونَ
اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ[1]؛ و بعقله،
من السّابقين المقرّبين العارفين بنظام الكل المبتدي من عند ربّ العالمين المنتهي
الى مالك يوم الدّين كما قال اللّه تعالى حكاية عن خليله عليه السلام:
أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ[2]. و لا شكّ انّ المسلم بهذا المعنى