مختص بهما، لكنه في الأولين مراد بمعاونة المقام، فإنه سبحانه لما
أمر بالوضوء و الغسل كان هاهنا مظنة سؤال، فكأن سائلا يقول: إذا كان الإنسان
مسافرا لا يجد الماء أو مريضا يخاف من استعماله الضرر فما حكمه؟ فأجاب جل شأنه
ببيان حكمه و ضم سائر المعذورين.
فكأنه قال: و إن كنتم في حال الحدث و الجنابة مرضى تستضرون باستعمال
الماء، أو مسافرين غير واجدين للماء، أو كنتم جنبا أو محدثين غير واجدين للماء و
إن لم تكونوا مرضى، أو على سفر فتيمموا. و التصريح بالجنابة و الحدث ثانيا مع
اعتبارهما في المريض و المسافر أيضا، لئلا يتوهم اختصاص الحكم بالجنب لكونه بعده.
قوله رحمه الله: لم يكن واجبا
قال الفاضل التستري رحمه
الله: كأنه ترك دليل عدم الوجوب لظهوره.
و بالجملة قوله تعالى"وَ لا تُلْقُوا
بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ" و"[1]ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ"[2]و أشباههما مما ينبه على سقوط طلب الوضوء عند تحقق الهلكة و الحرج.
فإما أن يفسر قوله تعالى"فَلَمْ تَجِدُوا*" بمعنى لا يشمل هذه
الصورة، أو يجعل عاملا مخصصا، و كان الشارح نظر إلى الأول، فلم يبق اللفظ على
ظاهره و جعله مخصوصا بصورة الإرادة، و لعل للنظر فيه مجال.