و القضاء بين المسلمين و النّظر في حقوق النّاس ثمّ أخرج في كتيبة
أتبع اخري في الفلوات و شعف[1]الجبال
هذا و اللَّه الرّأي السّوء، و اللَّه لو لا رجائي عند لقائهم لو قد حمّ لي لقاؤهم
لقرّبت ركابي ثمّ لشخصت عنكم فلا أطلبكم ما اختلف جنوب و شمال، فو اللَّه انّ
[في] فراقكم لراحة للنّفس و البدن.
فقام اليه جارية بن قدامة السّعديّ- رحمه اللَّه- فقال: يا أمير
المؤمنين لا أعدمنا اللَّه نفسك، و لا أرانا اللَّه فراقك، أنا لهؤلاء القوم
فسرّحني اليهم، قال: فتجهّز فانّك ما علمت ميمون النّقيبة، و قام اليه وهب بن
مسعود الخثعميّ[2]فقال: أنا أنتدب اليهم يا أمير المؤمنين؟- قال: فانتدب بارك اللَّه
فيك و نزل.
فدعا جارية بن قدامة فأمره أن يسير الى البصرة فخرج منها في ألفين
و ندب مع الخثعميّ من الكوفة ألفين فقال لهما: اخرجا في طلب بسر بن أبى أرطاة حتّى
تلحقاه فأينما لحقتماه فناجزاه فإذا التقيتما فجارية بن قدامة على النّاس، فخرجا
في طلب بسر فخرج وهب بن مسعود من الكوفة و مضى جارية الى البصرة فخرج من أرض-
البصرة فالتقيا بأرض الحجاز فذهبا في طلب بسر.
و عن الحارث بن حصيرة، عن عبد الرّحمن بن عبيد[3]قال[4]:
[1]في الصحاح: «الشعفة بالتحريك رأس
الجبل و الجمع شعف و شعوف و شعاف و شعفات و هي رءوس الجبال».
[2]قال نصر بن مزاحم في كتاب صفين ضمن ذكره
مقاتلة خثاعمة الشام خثاعمة العراق (ص 290 من الطبعة الاولى بمصر): «ثم برز [أي رجل من
خثعم الشام] فنادى رجل لرجل يا أهل العراق، فغضب رأس خثعم من أهل الشام فقال:
اللَّهمّ قيض له وهب بن مسعود رجلا من خثعم من أهل الكوفة و قد كانوا يعرفونه في
الجاهلية؛ لم يبارزه رجل قط الا قتله، فخرج اليه وهب بن مسعود فحمل على الشامي
فقتله (الى آخر القصة)»
و في تاريخ الطبري في وقائع سنة أربعين: «و بلغ عليا خبر بسر
فوجه جارية بن قدامة في ألفين، و وهب بن مسعود في ألفين (الى آخر ما قال)».
[3]هذا الرجل هو أبو الكنود الّذي تقدمت
ترجمته مفصلة و هو الّذي يروى عنه الحارث بن حصيرة كثيرا (انظر ص 394).
[4]نقله المجلسي (رحمه الله) في ثامن
البحار في باب سائر ما جرى من الفتن (ص 671؛ س 25).