ذكر الموت فانّه هادم اللّذّات[1]حائل بينكم و بين الشّهوات.
و اعلموا عباد اللَّه أنّ ما بعد الموت أشدّ من الموت لمن لم يغفر اللَّه
له و يرحمه، و احذروا القبر و ضمّته و ضيقه و ظلمته و غربته، فانّ القبر يتكلّم كلّ
يوم و يقول:
أنا بيت التّراب، و أنا بيت الغربة، و أنا بيت الدّود و الهوامّ، و
القبر روضة من رياض الجنّة أو حفرة من حفر النّار، انّ المسلم[2]إذا دفن قالت له الأرض: مرحبا و أهلا قد كنت ممّن أحبّ أن يمشى[3]على ظهري فاذ وليتك فستعلم كيف صنعي[4]بك، فيتّسع له مدّ البصر[5]،و إذا دفن الكافر قالت له الأرض:
لا مرحبا و لا أهلا، قد كنت ممّن أبغض ان يمشى[6]على ظهري فإذا وليتك فستعلم كيف صنعي[7]بك، فتنضمّ عليه[8]حتّى تلتقي أضلاعه، و اعلموا أنّ المعيشة الضّنك الّتي قال اللَّه تعالى:فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً[9]هي عذاب القبر، و انّه ليسلّط على الكافر في قبره تسعة و تسعين تنّينا[10]تنهش لحمه حتّى[11]يبعث، لو أنّ تنّينا منها نفخ في الأرض ما أنبتت ريعها[12]أبدا.
[1]نظير قوله الأخر في نهج البلاغة: «فان
الموت هادم لذاتكم، و منغص شهواتكم».
و قوله (ع): «هادم» المعروف أن الكلمة بالدال المهملة
و يمكن أن تقرأ بالذال المعجمة كما قيل من قولهم «هذمه أي
قطعه بسرعة أو أكله بسرعة» و لا يخفى لطفه.