و اعلموا عباد اللَّه أنّ الموت ليس منه فوت فاحذروه قبل وقوعه و أعدّوا
له عدّته فانّكم طرداء[1]الموت و جدّوا للثّواب[2]،ان أقمتم له أخذكم، و ان هربتم
منه أدرككم، فهو ألزم لكم من ظلّكم، معقود بنواصيكم[3]،و الدّنيا تطوى من خلفكم[4]،فأكثروا ذكر الموت عند ما تنازعكم[5]اليه أنفسكم من الشّهوات، فإنّه كفى بالموت واعظا، و كان رسول اللَّه
صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم كثيرا ما يوصى أصحابه بذكر الموت فيقول: أكثروا
[1]قال المجلسي (رحمه الله): «الطرداء
بضم الطاء و فتح الراء جمع طريد أي يطردكم عن أوطانكم و يخرجكم منها و قال في
النهاية: «فيه: كنت أطارد حية أي أخادعها لأصيدها و منه طراد
الصيد» و قال ابن أبى الحديد: «قوله: طرداء الموت جمع طريد أي يطردكم عن أوطانكم و
يخرجكم منها لا بدّ من ذلك، ان أقمتم أخذكم، و ان هربتم أدرككم و قال الراونديّ:
طرداء هاهنا جمع طريدة و هي ما طردت من الصيد أو الوسيفة و ليس بصحيح لان فعيلة
بالتأنيث لا تجمع على فعلاء و قال النحويون: ان قوله تعالى:وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ،جاء على خليف لا على خليفة، و
أنشدوا لاوس بن حجر بيتا استعملهما جميعا فيه و هو:
ان من القوم موجودا خليفته
و ما خليف أبى ليلى بموجود».
[2]هذه الفقرة موجودة بهذه الصورة هنا في الأصل فقط.
[3]قال المجلسي (رحمه الله): «معقود
بنواصيكم أي ملازم لكم» و زاد عليه ابن أبى- الحديد: «كالشيء
المعقود بناصية الإنسان أين ذهب ذهب معه، و قال الراونديّ أي غالب عليكم قال
تعالى:فَيُؤْخَذُ
بِالنَّواصِي وَ الْأَقْدامِ،فان الإنسان إذا أخذ بناصيته لا يمكنه الخلاص، و ليس بصحيح لانه لم
يقل: آخذ بنواصيكم».
قال ابن أبى الحديد: «قوله (ع):و الدنيا تطوى من خلفكم،.
من كلام بعض الحكماء: الموت و الناس كسطور في صحيفة يقرؤها قارئ و يطوى
ما يقرأ، فكلما ظهر سطر خفي سطر».
[5]في الأصل: «نازعتكم» قال الطريحي (رحمه الله) في مجمع البحرين: «نازعتني
نفسي الى كذا اشتاقت اليه» و في الصحاح: «نزع
الى أهله ينزع نزاعا اى اشتاق، و بعير نازع و ناقة نازع إذا حنت الى أوطانها».