و اعلموا عباد اللَّه أنّ أنفسكم و أجسادكم الرّقيقة النّاعمة[1]الّتي يكفيها اليسير من العقاب ضعيفة عن هذا، فان استطعتم أن ترحموا
أنفسكم و أجسادكم[2]ممّا لا طاقة لكم به و لا صبر لكم عليه فتعملوا بما أحبّ اللَّه سبحانه
و تتركوا ما كره[3]،فافعلوا، و لا حول و لا قوّة الّا
باللَّه[4].
في الأمالي:«فاعملوابما أحب اللَّه و اتركوا ما كره اللَّه».
فليعلم أن المجلسي (رحمه الله) قال في ثالث البحار في باب أحوال البرزخ
و القبر و عذابه و سؤاله (ص 152- 153) «ما- [أي أمالى ابن الشيخ] فيما كتب أمير المؤمنين (ع) لمحمد بن أبي
بكر:يا عباد
اللَّه ما بعد الموت لمن لا يغفر له (فساق الحديث الى قوله: و اتركوا ما كره اللَّه
ثم قال) بيان- قوله- صلوات اللَّه عليه-: «تسعة و
تسعين تنينا».
قال الشيخ البهائي- رحمه اللَّه- قال بعض أصحاب الحال: و لا ينبغي أن
يتعجب من التخصيص بهذا العدد فلعل عدد هذه الحيات بقدر عدد الصفات المذمومة من الكبر
و الرياء و الحسد و الحقد و سائر الأخلاق و الملكات الردية فإنها تتشعب و تتنوع أنواعا
كثيرة و هي بعينها تنقلب حيات في تلك النشأة (انتهى كلامه).
و لبعض أصحاب الحديث في نكتة التخصيص بهذا العدد وجه ظاهرى اقناعى محصله
أنه: قد ورد في الحديث: ان للَّه تسعة و تسعين اسما من أحصاها دخل الجنة، و معنى إحصائها
الإذعان باتصافه عز و جل بكل منها،
و روى الصادق عن النبي- صلى اللَّه عليه و آله- أنه قال:ان للَّه مائة رحمة أنزل منها
رحمة واحدة بين الجن و الانس و البهائم و أخر تسعة و تسعين رحمة يرحم بها عباده،.
فتبين من الحديث الأول أنه سبحانه بين لعباده معالم معرفته بهذه الأسماء
التسعة و التسعين، و من الحديث الثاني أن لهم عنده في النشأة الأخروية تسعة و تسعين
رحمة، و حيث ان الكافر لم يعرف اللَّه سبحانه بشيء من تلك الأسماء جعل له في مقابل
كل اسم رحمة تنينا ينهشه في قبره، هذا حاصل كلامه و هو كما ترى».