نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 452
المعنى:
و اعلم انّ من عادة اللّه الرحيم بعباده إذا ذكر و عيدا عقّبه بغده
لئلّا ييئس عباده من رحمته، و إذا ذكر آية رجاء عقّبها بآية الخوف لئلّا يأمن
عباده من مكر اللّه. فهيهنا لمّا ذكر أحوال كفرة أهل الكتاب و ما نزل بهم من
العقوبة أخبر بما وعد للمؤمنين من كل طائفة من الثواب الجزيل و الأجر العظيم،
دالّا على أنّه سبحانه كما يجازي المسيء بإساءته يكافئ المحسن بإحسانه، كما قال تعالى:لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما
عَمِلُوا وَ يَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى
[53/ 31] فقال:إِنَّ
الَّذِينَ آمَنُوا.
و اختلفوا في المراد منهم [1]. فقال قوم: هم الذّين آمنوا بعيسى عليه السّلام، ثمّ لم
يتهوّدوا و لم يتنصّروا و لم يتصبّئوا، و انتظروا خروج محمّد صلّى اللّه عليه و
آله.
و قيل هم طلّاب الدين، منهم: حبيب النجّار، و قسّ بن ساعدة، و زيد بن
عمرو بن نفيل، و البراء الشني، و أبو ذر الغفاري، و سلمان الفارسي، و بحيرا
الراهب، و وفد النجاشي. آمنوا بالنبي صلّى اللّه عليه و آله قبل مبعثه. فمنهم من
أدركه و تابعه، و منهم من لم يدركه.
و قيل: مؤمنوا الأمم الماضية. و قيل: هم المؤمنون من هذه الامة.
و قال السدّي: هو سلمان الفارسي و أصحابه النصارى، الذين كانوا [ظ:
كان] قد تنصّر على أيديهم قبل مبعث الرسول، و كانوا قد أخبروه بأنّه
سيبعث، و انّهم يؤمنون به إن أدركوه.
و سبب هذه الإختلاف قوله تعالى في آخر الآية:مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ فإنّ ذلك يقتضي انّ المراد من الايمان في أوّل الآية غير المراد به
في آخرها و نظير هذا قولهيا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا
[4/ 136].