نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 453
و الأجود أن يكون معنى الايمان في الأوّل الايمان الظاهري المعروف
بين الأمّة، و معناه في الثاني هو الايمان الحقيقي الذي هو عبارة عن عرفان اللّه
بوحدانيّته و صفاته الإلهية و أفعاله المحكمة، و عرفان اليوم الآخر، و حقيقته رجوع
الأشياء إليه، و حشر الإنسان إلى الدار الآخرة- كلّ ذلك على وجه اليقين و التحقيق.
و هذا أمر في غاية العزّة و الشرف، و قلّ من المعروفين بالايمان من
تصوّر هذه الأشياء، تصوّرا حقيقيا، أو بوجه خاصّ رسمي. و القرآن مشحون بالإشعار
بما ذكرناه، كقوله:وَ
ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ [12/ 106] و قوله:وَ ما أَكْثَرُ النَّاسِ وَ لَوْ
حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ
[12/ 103] و قوله:يا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا
[4/ 136].
فالإيمان الحقيقي غير الايمان الظاهري المجازي. فعلى هذا لا حاجة إلى
حمل قوله:الَّذِينَ
آمَنُوا على غير طائفة أهل هذه
الملّة الإسلاميّة، بل هذه الأقوال لو ذكرت في قوله:مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ لكان أولى بأن يقال: من الذين هم مؤمنوا بني إسرائيل، و من هم مؤمنوا
قوم عيسى عليه السّلام، و من مؤمنوا جماعة الصابئين و من المؤمن باللّه و اليوم
الآخر و من هؤلاء الطوائف، سواء كانوا في سابق الزمان قبل ظهور الإسلام، أو في عهد
الإسلام. و لكن الايمان بهذا المعنى الحقيقي أمر باطني لا يعرف الموصوف به إلّا
اللّه و أنبيائه و أولياءه عليهم السّلام.
و يؤيّد هذا التفسير قول سفيان الثوري، حيث نقل صاحب الكبير عنه [1]:
انّه تعالى لما ذكر في أوّل هذه السورة طريقة المنافقين، ثمّ طريقة
اليهود. فالمراد من قوله: [تعالى]إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا هم الّذين يؤمنون باللسان دون القلب، و هم المنافقون. فذكر
المنافقين، ثمّ اليهود و النصارى و الصابئين. فكأنّه تعالى قال:
«أولئك المبطلون كلّ من أتى منهم بالايمان الحقيقي صار
من الفائزين عند اللّه