نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 447
ثمّ اختلف في الأمر في قوله:اهْبِطُوا للوجوب، أو
للندب، أو للتخيير؟ و الظاهر انّه للتخيير و الإباحة. يعنى: إذا لم تصبروا على ما
هو خير لكم اهبطوا مصرا فانّ ما سألتم يوجد في الأمصار.
أمّا قوله:وَ
ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ
أي:
صارت محيطة بهم، مشتملة عليهم، كالقبّة المضروبة على جماعة. أو لزمتهم ضربة لازم،
كما يضرب الطين على الحائط، فيلزمه. و لأجل هذا يكون اليهود أذلّاء صاغرين، أهل
مسكنة و خسّة. إمّا في الحقيقة، و إمّا لتفاقرهم و تصاغرهم خيفة أن يضاعف عليهم
الجزية.
و من العلماء من عدّ هذا من معجزات نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله،
لأنّه أخبر من ضرب الذلّة و المسكنة عليهم، و وقع الأمر على طبق ما أخبره، فكان
هذا إخبار عن الغيب، فيكون معجزا.
و أمّا الاستدلال بهذه الآية على فضيلة الأغنياء على الفقراء،- لأنّه
تعالى ذمّهم على الفقر- فغير موجّه، لأنّ المراد به خسّة الذات و فقر القلب و هو
ان النفس. لأنّ كثيرا يوجد في اليهود مياسير و متموّلين، و لكن لا يوجد يهوديّ
غنيّ القلب مترفّع النفس.
قال النبي صلّى اللّه عليه و آله [1]: «الغنى غنى النفس».
و قولهوَ
باؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ أي رجعوا
منصرفين متحمّلين غضب اللّه، قد نزل بهم العذاب، و وجب عليهم الغضب، و حلّ بهم
السخط، لكونهم أحقّاء بذلك، فبدّل اللّه اليهود بالعزّ ذلّا، و بالنعمة بؤسا، و
بالرضاء عنهم غضبا عليهم جزاء بما كفروا بآياته، و قتلوا أنبيائه عليهم السّلام. و
كفرهم بآيات اللّه عبارة عن جحودهم حجج اللّه و بيّناته و انكارهم لما رأوا من
الدلائل الباهرة، و الشواهد الظاهرة.
و قيل أراد ب «آيات اللّه» ما في التورية و الإنجيل و القرآن.
[1] الجامع الصغير (2/ 135): ليس الغنى عن كثرة العرض، و لكن
الغنى غنى النفس.
نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 447