نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 371
و في ذلك من لطائف صنع اللّه و الحكمة ما لا يخفى.
فبالتبتّل إلى طاعة اللّه، و الإقبال إليه، و الرجوع عن أمر المعاش،
و ما يتعلّق بالدنيا كلّ يوم يخرج عن حجاب من هذه الحجب، و يتّخذ منزلا في القرب
في القوس العروجية من الحضرة الإلهيّة- التي هي مجمع العلوم، و منبع المكاشفات و
مصدر الحقائق- فإذا تمّت الأربعون زالت الحجب بالكليّة، و انصبّت إلى قلبه أنهار
العلوم و المعارف انصبابا.
ففي كلّ يوم بإخلاصه في العمل للّه تعالى يكشف له طبقة من طبقات
الحجب الجسميّة و الأغشية الظلمانيّة و النشأة الترابيّة الطبيعيّة، و يزول عنه
طور من الأطوار الكونيّة الخلقيّة المبعدّة له عن اللّه، و يظهر عليه سلطان النشأة
الاخراويّة، إلى أن ينكشف باستعمال الأربعين أربعين طبقة من أطباق حجابه و أطوار
بعده عن اللّه، و اشتغاله بعمارة الدنيا، و لذلك
ورد في الحديث:
«من أخلص للّه أربعين صباحا ظهرت من قلبه
على لسانه ينابيع الحكمة».
فهذا أصل يستفاد منه سرّ تعيين الأربعين في الخلوة و الرياضة- و
العلم عند اللّه
عقدة و حلّ [الغرض من تعمير الدنيا]
و لعلّك تقول: إنّ الحكمة في تعلّق الروح الإنساني بهذا القالب
الكثيف لو كانت لمصلحة تعود إلى الكائنات الأرضيّة لكان يلزم منها استخدام العالي
للسافل.
و أيضا في تبعيد الروح الإنساني عن عالم القدس و القرب إلى عالم
الظلمة و الكدورة و العاهات ضرب من التعذيب له، و التخريج عما فطر له من الروح و
الراحة. فأيّ فائدة في تعذيب أشرف الجواهر الحيوانيّة، لأجل صلاح سائر المركبات
الحيوانيّة و النباتيّة و المعدنيّة؟! و هذا الإشكال ممّا لا يخلو الجواب عنه عن
صعوبة، لتوقّفه على تحقيق مهيّة
نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 371