نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 372
الإنسان و معرفة أطواره و نشآته، و ذلك متعلّق بعلوم كثيرة من علوم
المكاشفات. و قد مرّت إشارة إلى سرّ نزول الروح الإنساني إلى هذا العالم فيما سبق
عند قوله تعالى:
و الذي نذكر هاهنا في دفع هذا الإشكال هو أنّ المراد بتكوين الإنسان
عامرا لهذه النشأة و زينة للكائنات هو تعميره على وجه تعود فائدة التعمير إليه،
فانّ الإنسان الكامل ذو أجزاء كثيرة و أطوار متعدّدة، له بحسب كل قوّة منها
كماليّة و تماميّة لا تحصل إلّا بها، و ليس الغرض من خلافته في الأرض و تعميره
للدنيا إلّا تبقية شخصه و نوعه و تكميل ذاته على وجه يصير مظهرا للأسماء الإلهيّة،
و جامعا للحقائق الكونيّة و الأسرار الربوبية، خليفة للّه في الأرض و السماء، و
زينة للنشأة الباقية بعد الاولى.
و أمّا تكوّن سائر الأكوان- من النبات و الحيوان بسببه فهو إمّا لأجل
انتفاعه بها و استخدامه لها- كما دلّ عليه قوله في حق الجميع:خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ
جَمِيعاً [2/ 29] و قوله تعالى
في باب الأنعام و الدوابّ:أَ
وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً
فَهُمْ لَها مالِكُونَ* وَ ذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَ مِنْها
يَأْكُلُونَ [36/ 71- 72] و قوله في باب
النباتات:يُنْبِتُ لَكُمْ
بِهِ الزَّرْعَ وَ الزَّيْتُونَ وَ النَّخِيلَ وَ الْأَعْنابَ وَ مِنْ كُلِّ
الثَّمَراتِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [16/ 11] و قال في باب المعادن و
الجمادات:وَ جَعَلَ
لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وَ جَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ
وَ سَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ
[16/ 81] و غير ذلك من الآيات الكثيرة في هذا المطلب.
و إمّا لأجل أن لا يكون ضائعا مهملا ما بقي من فضالة مادّة الإنسان و
كثائف طينته التي صرفت لطائفه في تخمير قالبه، فكما إنّ البنّاء يستعمل الخشب في
غرضه فما فضل لا يضيعه، بل يتّخذه قسيّا و خلالا و غير ذلك، فكذلك الغاية القصوى
في
نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 372