نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 360
لزمهم الانقياد و الطاعة لموسى عليه السّلام و قبول قوله، و لهم في
ذلك سعادة الدارين.
و منها إنّهم عرفوا إنّ الأمور كلّها جارية على قضاء اللّه و قدره،
فإنّه لا غزّة في الدنيا أكمل من عزّة فرعون، و لا شدّة مما كانت لبني إسرائيل،
ثمّ اللّه تعالى قلّب الأمر في ساعة واحدة، فجعل العزيز ذليلا، و الذليل عزيزا، و
ذلك يوجب انقطاع القلب عما سوى اللّه، و الإقبال بالكليّة إلى خدمته و طاعته و
التوكّل عليه.
و أمّا النعم الحاصلة لهذه الأمّة المرحومة منها فكثيرة:
أحدها إنّها جاءت حجّة لنا على أهل الكتاب، لأنّه كان معلوما من حال
نبيّنا إنّه كان اميّا لم يقرأ و لم يكتب. فإذا أخبرهم بما لا يعلم إلّا من الكتب
علموا إنّه أخبر عن الوحي، فصار دينه حقّا.
و ثانيها إنّا إذا تصوّرنا ما جرى لهم و عليهم من هذه الأمور العظيمة
علمنا إنّ من أطاع اللّه فقد سعد في الدنيا و الآخرة، و من خالفه فقد استحقّ غضب
اللّه عليه في الدنيا و الآخرة، فصار ذلك مقرّبا لنا من الطاعة و مبعدا عن
المعصية.
و ثالثها إنّ امّة موسى عليه السّلام مع هذه المعجزات الباهرة و
الكرامات المحسوسة الظاهرة خالفوه في امور حتّى قالوا له:اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ
[7/ 138] و أمّا هذه الامّة فمع كون معجزتهم هي القرآن الذي خفي اعجازه و لا
يظهر إلّا بالنظر الدقيق انقادوا للنبي صلّى اللّه عليه و آله في كلّ الأحكام، و
ما خالفوه في شيء البتّة، و هذا يدلّ على أنّهم أفضل من أمّة موسى عليه السّلام.
و بهذا [1] يخرج الجواب عن
إشكال ربما خطر بالبال، و هو أن يقال: كيف لم يعط اللّه تعالى نبيّنا صلّى اللّه
عليه و آله مثل ما أعطى موسى عليه السّلام من الآيات الباهرات، لتكون الحجّة أظهر،
و الشبهة أسقط؟
لأنّا نجيب بأنّ اللّه أعطى كلّ نبي معجزة مناسبة لقومه و على حسب
صلاح