نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 361
حالهم، فنصب الأعلام الباهرة و المعجزات القاهرة لاستصلاح امّة موسى
عليه السّلام، و قد كان في قومه من فظاظة القلب و بلادة النفس و كلالة الحدس ما لم
يمكنهم معه الاستدلال بالآيات الخفيّة و البراهين العقليّة. ألا ترى إنّهم لما
عبروا النهر و أتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم، قالوا- بعد ما شاهدوا من هذه
الآيات-:اجْعَلْ لَنا
إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ [7/ 138].
و كان في العرب و العجم من امّة نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله من
جودة القريحة و حدّة الفطنة و ذكاء الذهن ما كان يمكنهم معه الاستدلال بالفكر و
اقتناص الحقائق بالنظر الدقيق، و التفطّن بما يحتاج فيه إلى التأويل [1] و التدبّر، و الاستضائة بنور العقل
الفعّال في ملاحظة الآيات، فجاءت آياتهم مشاكلة لقرائحهم المتوقّدة، و مجانسة
لأذهانهم من الدقّة و الحدّة.
على أنّ في جميعها من الحجّة الظاهرة، و البيّنة الزاهرة ما ينفي
خلاج الشكّ عن قلب الناظر المستبين، و يفضي به إلى فضاء العلم اليقين، و يوضح له
مناهج الصدق، و يولجه موالج الحقّ، و ما يستوي الأعمى و البصير. و لا ينبّئك مثل
خبير.
فصل
و هاهنا سؤال آخر: و هو إنّ فرعون- كما هو المشهور- كان من أهل الفكر
و البحث، و قد لقّب ب «أفلاطون القبط» فلمّا شاهد فلق البحر- و كان من العقلاء-
فلا بدّ و أن يعلم إنّ ذلك من فعل اللّه، و من فعل عالم قادر لما يشاء، مخالف
لسائر القادرين، فكيف بقي على الكفر مع ذلك؟
و أجيب بأنّه كان عارفا بربّه، إلا انّه كان كافرا على سبيل الجحود و
العناد.