نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 172
من حسن الجزاء و سعادة المسرى، ثمّ حذّرهم و رهّبهم عن التعرّض لما
يوجب سخطه، و يحجب عن رحمته من إنكار الحقّ و كتمانه، و تلبيسه بالباطل أو ترويج
الباطل و إبرازه في صورة الحقّ لاتبّاع الهوى و طلب العاجلة و ترك الآجلة.
فالكلام من هذه الآية إلى أوائل الجزء الثاني مسوق مع طائفة أهل
الكتاب و متكلّمي اليهود و النصارى، احتجاجا عليهم و إنذارا لهم على أبلغ وجه و
آكده.
و من تأمّل في تضاعيف
60
ما
ذكر في هذه الآيات من الإشعار بفنون نعم اللّه العامّة و الخاصّة لطائفة أهل
الكتاب، ثمّ إردافها بالترغيب البالغ بقوله:وَ أَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ مقرونا بالترهيب البالغ بقوله:وَ اتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً- إلى آخر الآية- [علم إن هذا هو النهاية في حسن
الترتيب لمن يريد الدعوة و تحصيل الاعتقاد في قلب المستمع] [1].
و لنرجع إلى تفسير الألفاظ:
يا بَنِي إِسْرائِيلَ:
يا
أولاد يعقوب. الابن و الولد و النسل و الذريّة متقاربة المعاني، إلّا إن «الابن»
للذكر،
و «الولد» يقع على الذكر و الأنثى و «النسل» و «الذريّة» يقعان على جميع ذلك 61. و أصل «ابن» من «البناء»، و هو وضع الشيء على الشيء، لأنّه يبنى على
الأب لأنّه الأصل و الابن فرع له منسوب إليه، كما ينسب المصنوع إلى صانعه. فيقال: «أبو
الحرب»
و كأنّ إطلاق الأب على العلّة الموجدة و الابن على المعلول في بعض ألسنة القدماء
من هذه الجهة لأن العلّة الموجدة للشيء هي أصل وجوده، و وجود المعلول فرعه،
فكانوا يسمّون المبادي بالآباء، يقولون للباري جلّ مجده: «أب الآباء» أعني علّة العلل، لا بالمعنى الذي زاغت
النصارى لأجل ذلك و ضلّت أفهامهم من قول المسيح عليه السّلام: «إنّي
ذاهب
الى أبي و أبيكم» أي: ربّي و ربّكم.