نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 154
الثالث أن يتوب عن صغيرة أو صغائر، و هو مصرّ على كبيرة يعلم إنّها
كبيرة- كالذي يتوب عن الغيبة، و عن النظر إلى غير المحرّم و ما يجري مجراه و هو
مصرّ على شرب الخمر- فهذا أيضا ممكن. و وجه إمكانه إنّه ما من مؤمن إلّا و هو خائف
على معاصيه و نادم على فعله- ندما قويّا، أو ضعيفا- و لكن يكون لذّة نفسه في تلك
المعصية أقوى من ألم الخوف منه لأسباب توجب ضعف الخوف- من الجهل و الغفلة و أسباب
قوّة الشهوة- فيكون الندم موجودا، و لكن لا يكون مليّا بتحريك العزم، و لا قويّا
عليه، فإن سلم عن شهوة أقوى منه أو لم يعارضه إلّا ما هو أضعف فهذا الخوف غلبها و
أوجب ترك المعصية.
و قد تشتدّ ضراوة الفاسق بالخمر فلا يقدر على الصبر عنه، لعدم مقاومة
خوفه ضراوته، لضعف الخوف و قوّة الضراوة. و يكون له ضراوة بالغيبة و استماع
الملاهي و النظر إلى غير المحرّم، و خوفه من اللّه قد بلغ مبلغا يقاوم هذه الشهوة
الضعيفة و يقمعها، و لا يقاوم شهوة أقوى من هذه الشهوة، كشهوة شرب الخمر.
بل لهذا الفاسق أن يقول: «إن غلبني الشيطان بواسطة غلبة هذه الشهوة القويّة
فلا ينبغي أن أخلع العذار و أرخي العنان بالكليّة، بل أجاهده في بعض المعاصي،
فعساني أغلب عليه فيكون قهري له في البعض كفّارة لبعض ذنوبي.
و لو لم يتصوّر هذا لما صحّ من الفاسق أن يصلّي و يصوم. و قيل له: «إن
كان
صلاتك لغير اللّه فلا تصحّ، و إن كان اللّه فاترك الفسق للّه. فإنّ أمر اللّه فيه
واحد، فلا يتصوّر أن تقصد بصلوتك التقّرب إلى اللّه ما لم تقترن بترك الفسق» و هذا
باطل، بل له أن يقول: «إنّ للّه على أمرين، و لي على المخالفة عقوبتان، و
أنا ملي في أحدهما بقهر الشيطان عاجز عنه في الآخر، فاقهره فيما أقدر عليه، و أرجو
بمجاهدتي فيه أن يكفّر عنّي ما عجزت عنه بفرط شهوتي» فكيف لا يتصور هذا. و هو حال
كلّ مسلم. إذ لا مسلم إلا و هو جامع بين طاعة اللّه و معصيته، و لا سبب له إلّا
هذا.
نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 154