قال صلّى اللّه عليه و آله [2]: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له»
و لم يقل: التائب من الذنوب كلّها.
و بهذه المعاني تبيّن [إنّ التوبة عن] أفراد الذنوب إذا كانت
متماثلة في حق الشهوة و في حقّ التعرض لسخط اللّه غير ممكن. نعم، يجوز أن يتوب على
الكثير دون القليل، لأن لكثرة المعصية تأثيرا في كثرة العقوبة.
فصل
إنّ في هذه الآية حثّا على التوبة، و تنبيها على أنّ العبد لا بدّ و
أن يكون دائم الرجوع و الإنابة إلى اللّه تعالى، كما إنّه دائم المغفرة و الرحمة،
و إنّه ما من درجة في الخير و السعادة تحصل للعبد إلّا و ينبغي له أن يتوب عنها
بتحصيل درجة فوقها لذاته، فإنّ الإنسان جوهر متجدد الذات، له في كل وقت حجاب من
هويّته. و قد قيل: «وجودك ذنب لا يقاس به ذنب» فيجب له في كل وقت توبة عن
ذنب وجوده، و استغفار عن غشاوة هويّته.
قال بعض الحكماء: «إنّ لك منه غطاء 50 فضلا عن لباسك من البدن فاجهد أن ترفع الحجاب و تتجرّد،
فحينئذ تلحق فلا تسئل عما تباشره».
و قال أيضا: «انفذ إلى الأحديّة تدهش إلى الأبد. و إذا سئلت عن فهي
قريب، و ذلك لأنّ مراتب القرب إلى اللّه غير متناهية، لعدم تناهي التجليّات
الأسمائيّة الصفاتيّة، و الشئونات الإلهيّة، و لكونه تعالى وراء ما لا يتناهي بما
لا يتناهي شدّة و قوّة