تحقيق الآية يبتني على مقدّمات: إحداها إن الإنسان ما دام كونه
الدنياوي بمنزلة مسافر يسافر للتجارة أما كونه مسافرا، فأمر قد جبل عليه كل ما هو
متعلق الوجود بالطبيعة الجسمانية و الكون الدنياوي إذ قد حقّق في مقامه بالبرهان
الذي لاح لنا بفضل اللّه، إن الطبائع الجسمانية أبدا في التحول و الانتقال و
التجدّد و الزوال من حال إلى حال استحالة جوهرية و انتقالا ذاتيا و توجها جبلّيا
إلى نشاة اخرى، و أما كونه تاجرا فممّا فيه لاختياره مدخل، إذ الفائز بسعادة الربح
الاخروي إنما يفوز به بأعمال صالحة اختيارية و الممنوّ بشقاوة الخسران الأبدي إنما
يبتلى به بأعمال فاسدة اختيارية، كما قال تعالى:
المقدمة الثانية: انه لما كان كل مسافر للتجارة لا بدّ له من رأس
مال، و قد ثبت إن الإنسان مسافر للتجارة فلا بدّ له من رأس مال و رأس ماله هو
الفطرة الأصلية التي قد فطره اللّه عليها و هي القوة الاستعدادية لأجل الوصول إلى
الدرجات العاليات و الفوز بالمنازل و السعادات و هذه القوة الفطرية هي المعبّر
عنها في هذه الآية بالهدى، إذ الهدى عبارة عن كون السالك على الطريق الذي يؤدى إلى
مطلوبه و يقابله الضلال، و هو كونه جائرا
نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 445