و قيل هي الخصال الثلاثون المحمودة المذكورة: عشرة منها في براءة «التَّائِبُونَالْعابِدُونَ» و عشر في الأحزاب «إِنَّالْمُسْلِمِينَ
وَ الْمُسْلِماتِ» و عشر في كلّ من المؤمنين و سأل سائل إلى قوله «وَالَّذِينَ هُمْ
عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ».
و قيل هي مناسك الحجّ، و قيل ابتلاه بالكوكب و القمر و الشمس و
الختان و ذبح ابنه و النار و الهجرة.
و
«لِلنَّاسِ» إمّا متعلق بجعل أو بإماما لما فيه من معنى الفعل، فلا يحتاج إلى
تقدير ما يكون به حالا عنه، و الامام اسم من يؤتمّ به كالإزار لما يؤتزر به أي
يأتمّون بك في دينهم، و في الكشاف و البيضاوي «وَمِنْ
ذُرِّيَّتِي»
عطف على الكاف، كأنّه قال: و جاعل بعض ذرّيّتي، و كأنه على الادّعاء
بطريق الدعاء، أو على مسامحة و مبالغة منهما 1.
«لايَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ» و قرئ الظالمون، و المعنى
متقارب، فان النيل الإدراك و الوصول، فكلّما نالك فقد نلته، و لكن قراءة الأكثر
أحسن و أليق، و مقتضى العرف و اللّغة كظاهر المفسّرين أنّ العهد هنا هو التقدم إلى
المرء في الشيء، أي تفويض أمر إليه و توليته إياه إلّا أنّ ظاهر الكشّاف تخصيصه
هنا بالوصيّة بالإمامة بقرينة السؤال، و في إيجابه ذلك نظر، فان العموم لا ينافيه،
بل ربما كان العموم معه أبلغ كما يلائمه كلام القاضي.
و ما يقال من أنّ كون العهد هنا هو الإمامة مرويّ عن أبى جعفر و أبي
عبد اللّه عليهما السلام فلعلّه على وجه لا ينافي ما قلناه، فان صحّ في الخصوص فهو
المتبع، فإنهما أعلم بكلام اللّه، و مراده سبحانه.
ثمّ اعلم أنّ المرويّ أنّ من الأنبياء من كان مبعوثا إلى قبيلة، و
منهم من كان مبعوثا إلى أهل بيته و خدمه، و منهم من اختصّ ذلك بنفسه، و إنّما كان
عليه أن يعمل بما يوحى أو يلهم دون غيره، و الظاهر شمول العهد للكلّ كما هو ظاهر
القاضي حيث استفاد الدلالة على عصمة الأنبياء جميعا قبل البعثة.