النجاسة إلّا النجاسة، و قد عكس هو ذلك و يقول: ليس له منهما إلّا
صفة الطهارة.
حيث يقول بطهارته و طهارة ما استعمله مع قوله بنجاسة ما استعمله
المسلم في وضوء أو غسل، و لعلّ هذا أوضح.
و كلام الفخر هذا يدلّ على أنّ مذهبه نجاسة المشركين نجاسة عينيّة
كما هو الظاهر المتبادر لغة و عرفا فهو صريح القرآن، مع ما في قوله «فَلايَقْرَبُوا
الْمَسْجِدَ الْحَرامَ» من تأييد ذلك. و كذا قراءة نجس التابع غالبا لرجس، كما تقدّم، حتّى
صار بمنزلة النصّ، خصوصا عند عدم دليل على خلافه، فيجب الحمل عليه، و هو المرويّ 1
عن أهل البيت عليهم السّلام و مذهب شيعتهم الإماميّة، و يروى 2 عن الزيديّة أيضا.
و في الكشاف: معناه ذو نجس، لأنّ معهم الشرك الذي هو بمنزلة النجس، و
لأنهم لا يتطهّرون و لا يغتسلون و لا يجتنبون النجاسات، فهي ملابسة لهم، أو جعلوا
كأنّهم النجاسة بعينها مبالغة في وصفهم بها، و عن ابن عباس أعيانهم نجسة كالكلاب و
الخنازير، و عن الحسن من صافح مشركا توضّأ أي غسل يده، و أهل المذاهب على خلاف
هذين القولين، أي قول ابن عباس و الحسن، و إن كان مفادهما واحدا.
و لا يخفى أنّه لا يجوز العدول عن صريح القرآن إلّا بما هو مثله أو
أقوى منه عقلا و نقلا، و ظاهره 3 أن لا دليل عليه إلّا اتّفاق أهل المذاهب الأربعة
على خلاف صريح القرآن، و إلّا كان ينبغي أن يشير إليه.
أما قوله لأنّ إلخ يريد به بيان وجه التجوّز و علاقة المجاز، فكأنه
لما رأى كلام أهل المذاهب لا يقبل التأويل، و لا يجوز الحكم ببطلانه عنده، فاحتيج
إلى إبطال صريح القرآن، فلما أبطله بتأويله بما لا يخالف مذهب الأئمّة أراد بيان
صحّة 1- انظر جامع أحاديث الشيعة الباب 13 من أبواب النجاسات ج 1 ص 42 و ص 43.
2- انظر البحر الزخارج 1 ص 12 و انظر أيضا تعاليقنا على مسالك الافهام ج
1 ص 101 3- اى الكشاف.