عن المجامعة لا غير، ما لا يخفى، فالأمر للإباحة بمعنى رفع التحريم
على قول الشافعي و ابن بابويه إن صحّ عنه ذلك، و كذا على قول من لا يستفيد الكراهة
من الكتاب من أصحابنا، لكن ظاهرا و على المشهور عندنا بمعنى رفع المرجوحيّة المطلقة
الشاملة للتحريم و الكراهة مطلقا، أو رفع خصوص الكراهة و التحريم مطلقا، أو على
قراءة التشديد فقط، و على التخفيف رفع التحريم و فيه تأمل أو بمعنى الإباحة
بالمعنى الأخصّ مطلقا على المذاهب فتأمل.
قيل: الأمر ليس هنا للوجوب مطلقا بل قد يكون له كما لو كان قد
اعتزلها أربعة أشهر آخرها أوّل زمان الانقطاع و الغسل، و كذا لو وافق انقضاء مدّة
التربّص في الإيلاء و الظهار، و قد يكون للندب كما في اقتضاء الحال ذلك، فهو إذن
لمطلق الرجحان، و فيه نظر من وجوه لا يخفى.
«مِنْحَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ» أي من قبل الطهر لا من قبل
الحيض، عن السدّي و الضحّاك، و قيل: من قبل النكاح دون الفجور عن ابن الحنفية و
قال الزّجاج، معناه من الجهات الّتي يحلّ منها، و لا تقربوهنّ من حيث لا يجوز من
كونهنّ صائمات أو محرمات أو معتكفات، و قال الفرّاء و لو أراد الفرج لقال «في حيث» فلما قال «مِنْحَيْثُ» علمنا أنه أراد من الجهة
الّتي أمركم اللّه منها كذا في مجمع البيان.
و في الكشاف و القاضي من المأتي الذي أمركم اللّه به و حلّله لكم، و
هو القبل، و قيل من حيث أمركم اللّه بتجنّبه، و هو محلّ الحيض أعنى القبل، و ما في
مجمع البيان أوضح و أنسب كما لا يخفى.
«إِنَّاللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ» ممّا وقع منهم من المناهي
نهى تحريم أو تنزيه سيّما عمّا نهاه هنا بقرينة المقام، و لا يوجب التخصيص، فكذا «وَيُحِبُّ
الْمُتَطَهِّرِينَ» أي المتنزّهين عمّا اجتنابه نزاهة و نظافة، فيدخل فيه كلّ مكروه و
حرام، و ترك كلّ مستحبّ و واجب، خصوصا ما تقدّم في المقام، و هنا أقوال أخر
عامّتها تخصيص و تقييد.