و صحّة و كثرة- إن لم يترجّح ما قلنا- فلا أقلّ أن يتساويا فيتعارضان
فيتساقطان فافهم.
و قوله
«لاتَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ» بالتخفيف أي حتّى ينقطع
حيضهنّ تأكيد للاعتزال، و بيان لغاية وقته و تأييد للمشهور كما قلنا من وجوه:
منها أنّ الظاهر من مقاربتهنّ عرفا مجامعتهنّ، فلا يوافق المعنى
الثاني، فلو أريد كان خلاف الظاهر، مع ما تقدم.
و منها أنّ الحكم بالاعتزال على الثاني لا يشمل ما بعد زمان الحيض
بوجه، فكان منتهاه معلوما فيلغو قوله «حَتَّىيَطْهُرْنَ» و على ما قلناه ليس كذلك و لو سلم أنّ في التعبير بالمحيض نوع إشعار
إلى المدّة لكن ليس بصريح الكلام كما في قولهم.
و منها أنّ هذا مع إفادته التأكيد يفيد نوع توضيح للمدّعى على قولنا
لا على ما قالوا، و ذلك لاحتمال الخلاف لفظا فافهم.
و قرئ «يطهّرن»
بالتشديد أي يغتسلن، و الجمع بحمل هذا النهي على الكراهة كما هو
المشهور عندنا وجه واضح، لقرب النهي من الكراهة و يدلّ عليه بعض رواياتنا، و فيه
الجمع بين الروايات أيضا و حينئذ فيحتمل أن يراد التحريم قبل الانقطاع بقرينة ما
تقدم، و الكراهة بعده حتّى يغتسلن، و أن يراد المرجوحيّة المطلقة أو غير الواصل
إلى حدّ التحريم أي الكراهة باعتبار الانتهاء إلى الاغتسال نظرا إلى أنّ المجامعة
جائزة في الجملة و لو بعد الانقطاع، و يكفي ذلك، فلا يجب قصد خصوص التحريم بوجه
فافهم.
و حينئذ ينبغي حمل «فَأْتُوهُنَّ» على الإباحة بمعنى رفع التحريم و الكراهة، بقرينة ما تقدم، أو
الإباحة بالمعنى الخاصّ.
و من أصحابنا 1 من قال بالجمع بحمل تطهّر على طهر كتكبّر في صفاته
تعالى بمعنى كبر، و تطعّمت الطعام بمعنى طعمته، و قد يجمع بحمل قراءة التخفيف على
قراءة التشديد، إما بترك مفهوم الغاية بقرينة قوله «فَإِذاتَطَهَّرْنَ» و هو ظاهر 1- انظر
تعاليقنا على كنز العرفان ج 1 ص 43 و 44.