ما قدّمناه الأصل، و الاستصحاب، و الشهرة، و روايات أخر من طرقنا، و
سهولة الجمع حينئذ بينها و بين ما يخالفها من بعض الروايات الدالّة على اجتناب ما
اشتمل عليه الإزار، بالحمل على الكراهة أو شدّتها، كما هو المشهور 1 عندنا.
و في الكشاف 2 أنّ محمّد بن الحسن لم يوجب إلّا اعتزال الفرج، و روى
حديث عائشة أنّ عبد اللّه بن عمر 3 سألها هل يباشر الرجل امرأته و هي حائض؟ فقالت:
تشدّ إزارها على سفلتها ثمّ ليباشرها إن شاء، و ما روى زيد بن أسلم
أنّ رجلا سأل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ما يحلّ لي من امرأتي و هي حائض؟ قال:
لتشدّ عليها إزارها ثمّ شأنك بأعلاها.
ثمّ قال محمّد: و هذا قول أبي حنيفة، و قد جاء ما هو أرخص من هذا عن
عائشة 4 أنّها قالت يجتنب موضع شعار الدم، و له ما سوى ذلك انتهى.
و على خلاف المشهور لا يمكن مثل هذا، بل لا بدّ من طرح الروايات، و
ظواهر الكتاب، مع ضعف رواياتهم و قلّتها، على أنها لا تدلّ أيضا على أنّ ذلك هو
المراد بالآية، بخلاف رواياتنا فينبغي حمل رواياتهم على السنّة كما لا يخفى، و
أيضا على قولهم مع قطع النظر عن ظهور الآية فيما قلنا، و عدم صلوح رواياتهم مؤوّلا
لظاهر القرآن، يلزم الإجمال في القرآن، مع كونه تبيان كلّ شيء، و هو خلاف الأصل
على كلّ حال، و أيضا يلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة إذ مع رجحان رواياتنا دلالة
1- انظر تعاليقنا على مسالك الافهام ج 1 ص 94 و قد احتملنا هناك كون النهي للإرشاد
إلى محافظة اتقاء موضع الدم و يؤيد ذلك ما في بعض ألفاظ الحديث عن عائشة و أيكم
يملك إربه و الارب بكسر الهمزة و سكون الراء العضو و بفتحهما بمعنى الحاجة و روى
الحديث بالوجهين انظر فتح الباري ج 1 ص 419 و تفسير الخازن ج 1 ص 149.
2- الكشاف ج 1 ص 265.
3- ترى الحديثين في الموطأ بشرح الزرقاني ج 1 ص 115 و ص 116 و تنوير
الحوالك ج 1 ص 59 و الدر المنثور ج 1 ص 260 و الدارمي ج 1 ص 242.
4- انظر الدارمي ج 1 ص 243 و الدر المنثور ج 1 ص 259 و المغني لابن
قدامة ج 1 ص 334.