كأنّ المراد بتطهير اللّه إيّاهم توفيقهم للطهارة، و قيل: الحكم به
بعد استعمال الماء على الوجه المعتبر، و «لِيُطَهِّرَكُمْ» إما إشارة إلى إزالة الخبث «وَيُذْهِبَ» إمّا إلى إزالة الحدث، أو
إلى نوع منه، أو منهما، و الأوّل إلى الكلّ، غير ذلك أو مع ذلك فيكون الثاني
تصريحا بما علم ضمنا أو الأمر على عكس الأوّل 2 أو الأوّل إشارة إلى الكلّ كملا، و
الثاني إلى رفع الوسوسة، و على كلّ حال دلالتها على أنّ الماء طاهر مطهّر يتطهّر
به من الأحداث و الأخباث ظاهرة. [خصوصا على مقتضى سبب النزول كما يأتي.
أما الاستدلال على نفى إفادة غير الماء الطهارة لا من الحدث و لا من
الخبث بدلالتها على الامتنان بإنزال الماء لتطهيرهم، فلا يكون غير الماء مفيدا
ذلك، و إلا لكان ذكر الأعمّ أولى.
ففيه أن ذكر الماء ربّما كان تنصيصا للواقع، مع كون الماء أقوى في
هذا المعنى و أظهروا عمّ نفعا و أكثر. بل لم يكن يستجمع تلك الفوائد المقصودة
المهمة إلّا الماء، بل إنّما كان مطلوبهم خصوص الماء كما لا يخفى. و أيضا لو سلّم
المفهوم حينئذ فغاية ما يلزم منه أن لا يكون غير الماء مطهرا مطلقا فتدبر].
و في الكشّاف: رجز الشيطان وسوسته إليهم [3] و تخويفه إيّاهم من العطش، و قيل الجنابة لأنّها من تخييله، و قرئ «رجس الشيطان» و ذلك أنّ إبليس
تمثّل
[3] انظر الكشاف ج 2 ص 203 و في فقه
اللسان لكرامت حسين من ص 285 الى ص 291 ج 1 ما حاصله ان الوجس مصدر يحكى الصوت
الخفي مثل الرجس و الرجس القذر من ذلك الصوت الخفي الحادث للمستقذر و قد يعبر به
عن الحرام و الفعل القبيح و العذاب و اللعنة و الكفر و النجس مصدر فرعى مشتق من
رجس صار أصلا في النجاسة بعد كونه حاكيا لصوت يسمع عند الاستقذار و الرجز مصدر
فرعى من رجس بمعنى الصوت الخفي من المستقذر ثم أطلق على القبيح شركا كان أو عبادة
الأوثان و رجز الشيطان وساوسه.
1- الأنفال: 11.
2-
يعنى أن يذهب إشارة إلى إزالة الخبث و ليطهر إشارة إلى إزالة الحدث.