لفظ الصلاة في معناها الحقيقي، و في موضع الصلاة، فإنّ قرينة «حَتَّىتَعْلَمُوا ما
تَقُولُونَ»
دلت على الصلاة، و قرينة «إِلَّاعابِرِي سَبِيلٍ» على المسجد انتهى.
و الظاهر أن ارتكاب الاستخدام في قربها أقرب و الأظهر أن القرب أعم
من التلبّس بفعلها و التعرض له كالعزم و القيام إليها و الحضور في مواضعها المعدّة
لفعلها بلا استخدام، فان هذا هو الظاهر من القرب منها كما لا يخفى.
و بالجملة ففي الآية دلالة على وجوب ما يؤمن به من التلبس بالصلاة أو
حضور
إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا» فان الصلاة تحتمل
ارادة نفس الصلاة و تحتمل ارادة موضعها، فقوله «حَتَّىتَعْلَمُوا ما
تَقُولُونَ»
يخدم المعنى الأول، و قوله «إِلَّاعابِرِي
سَبِيلٍ»
يخدم المعنى الثاني.
و قال أبو العلاء في القصيدة الثالثة و الأربعين يرثي فقيها حنفيا.
و فقيها أفكاره شدن للنعمان
ما
لم يشده شعر زياد
فان النعمان يراد به أبو حنيفة و هو النعمان بن ثابت، و يراد به
النعمان بن المنذر ملك الحيرة فقوله فقيها يخدم المعنى الأول و قوله شعر زياد يخدم
المعنى الثاني لأن زيادا هو النابغة الذبياني و كان معروفا بمدح النعمان بن
المنذر.
و في القصيدة النباتية.
حويت ريقا نباتيا حلا فغدا
ينظم
الدر عقدا من ثناياك
فلفظ النباتي يراد به السكر يعمل منه كالبلور شديد البياض و
الصقالة و يراد به ابن نباتة الشاعر المعروف، فذكر الريق و الحلاوة يخدم المعنى
الأول، و ذكر النظم و الدر و العقد يخدم المعنى الثاني.
و قال الهلالي
أخت الغزالة إشراقا و ملتفتا
لها
لدى السمع لذات و نشأت
فالاشراق يخدم أحد معنيي الغزالة و هو الشمس و الملتفت يخدم معناه
الآخر و هو الظباء.
و مثله قول الشاعر:
حكى الغزال طلعة و لفتة
من
ذا رآه مقبلا و لا افتتن
أعذب خلق اللّه ريقا و فما
ان
لم يكن أحق بالحسن فمن؟
و الفرق بين الاستخدام بهذا الاصطلاح و التورية أن اللفظ ان استعمل
في مفهومين معا فهو الاستخدام و ان أريد أحدهما مع لمح الآخر باطنا فهو التورية
قال الشاعر: