و قريب من ذلك الأمر في «أَوْجاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ» فإنّه يحتمل أن يكون
المراد مطلق الحدث الأصغر و مطلق الجنابة بقرينة ما تقدّم كما نبّهنا- و أن يكون
الغائط أو ما يخرج من السبيلين من البول و الغائط بل الريح و مجامعة النساء كما
قاله كثير من المفسّرين فتأمّل.
كما احتمل في الكشاف فقال ممسوحة أو مغسولة و لا ان غسلها الكعبين
مع عدم ذكر غسل لها من قبل الا مع فصل طويل و مع ذلك فالقراءة شاذة.
فثبت أن الذي عليه التنزيل هو تعين وجوب المسح فرضا و اعترف به ابن
حزم في المحلى ص 266 ج 1 المسئلة 200 و قال ان القرآن نزل بالمسح سواء قرئ بخفض
اللام أو بفتحها هي على كل حال عطف على الرؤس اما على اللفظ و اما على الموضع لا
يجوز غير ذلك ثم اختار وجوب الغسل لمكان نسخ الآية بالأخبار و اعترف بدلالة الآية
غير واحد من أهل السنة كما يستفاد من مراجعة التفاسير و الكتب الفقهية منهم.
هذا ما يستفاد من الكتاب و اما السنة فنقول حيث ثبت تعين المسح
فرضا لا يكون اجازة الغسل تعيينا أو تخييرا الا نسخا للقرآن و لا يكون تخصيصا أو
تقييدا فلا يمكن إثباته إلا بالسنة المتواترة إذ لا يجوز نسخ الكتاب بالآحاد و لم
يتواتر السنة بالغسل بل المتواتر الواصل عن أئمة الهدى الذين فيهم نزل القرآن و هم
اولى بفهم القرآن تعين المسح.
سلمنا و فرضنا إمكان نسخ القرآن بالآحاد أو فرضنا اجازة الغسل
تعيينا أو تخييرا تخصيصا أو تقييدا و فرضنا صحة أحاديث وردت في كتب أهل السنة لكن
نقول انه كما ورد الغسل في- أحاديثهم فكذلك تعين المسح أيضا وارد في أحاديثهم و
القاعدة في المتعارضين انما هو التساقط.
فان قال بعض أعلام الشيعة في المتعارضين بالتخيير فلأخبار لهم جعل
العلاج فيها في- المتعارضين الأخذ بالتخيير و ليس في اخبار أهل السنة ما يوجب هذا
العلاج و الحكم بالأخذ بالتخيير و حكم العقل في الدليلين المتعارضين المتكافئين
انما هو التساقط و ليس في اخبار الغسل ترجيح و ان شئت ملاحظة اخبارهم فراجع ما في
فهرس مصادر كتاب الوضوء في الكتاب و السنة لسماحة الآية نجم الدين العسكري مد ظله
ثم راجع أصل المصادر لا نطيل الكلام و عندئذ نقول:
بعد تعارض الاخبار لا يكون المرجع الا الكتاب الكريم و ليس مفاده
الا تعين المسح فما عليه الإمامية هو المطابق للقرآن و بيان أهل البيت الذين هم
أدرى بما في البيت فالحمد للّه الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لو لا ان هدانا
اللّه.