أنّ الحقّ أنه يصح في الكافر المعلن أيضا فإنّه حيث لا يؤمن باللّه و
اليوم الآخر لا يبقى له داع إلى الإنفاق إلّا الرياء، و إن لم يكن ذلك بالنسبة إلى
المسلمين مثلا فافهم، و لا دلالة في الكلام على لزوم عدم الايمان للإنفاق رئاء
الناس، و إن ناسبه لجواز أن يراد التشبيه بإبطال الكافر المرائي، و إن كان في
المسلمين أيضا مبطل مرائي تغليظا في النهى و تقبيحا للمنّ و الأذى، بل الرياء أيضا
في نظر المؤمنين فإنّ المنّ و الأذى ربما كانا كاشفين عن الرياء و عدم الإيقاع
لوجه اللّه كما قيل.
فَمَثَلُهُ أي الذي ينفق رياء و لا يؤمنكَمَثَلِ صَفْوانٍ حجر أملسعَلَيْهِ
تُرابٌ، فَأَصابَهُ وابِلٌ مطر عظيم القطر شديد الوقعفَتَرَكَهُ
صَلْداً أملس نقيا من الترابلا يَقْدِرُونَ
عَلى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا كما لا يقدر أحد على ردّ ذلك التراب و الانتفاع به، أو كما لا يقدر
ذلك الحجر على إمساك ذلك التراب و لا على ردّه، و الانتفاع به، و فيه تنبيهات
فافهم، و الضمير للّذي ينفق باعتبار المعنى إذ المراد الجنس أو الجمع، كأنه قيل
الفريق الذي أو لضمير «فمثله»
باعتبار المذكور أو له و لصفوان جميعا.
قيل: الجملة في موضع الحال فاما من الذي أو فاعل ينفق، و الأقرب ضمير
«فمثله»
أو هو و الصفوان جميعا، و لا يبعد كونها استينافا مبيّنا للإبطال، أو
للتمثيل، أو لهما.
و في المجمع 1 إنّ وجوه الأفعال تابعة لحدوثها، فاذا فاتت فلا طريق
إلى تلافيها، و ليس في الآية ما يدلّ على أنّ الثواب الثابت المستقرّ يبطل و يزول
بالمنّ فيما بعد، و لا بالرياء الذي يحصل فيما يستقبل من الأوقات على ما قاله أهل
الوعيد، و فيه نظر واضح و الآية ظاهرة في البطلان بالمنّ و الأذى و لو بعد حين، و
الأخبار مشحونة بذلك.
و قد تضمّنت الآية الحثّ على الإنفاق في أبواب البر ابتغاء مرضات
اللّه، و النهى عن المنّ و الأذى و الرياء و السمعة و النفاق، و بطلان العمل بها.
عن ابن عباس 2 قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إذا كان يوم القيمة
نادى مناد يسمع أهل 1- المجمع ج 1 ص 376.