فَنِعِمَّا هِيَ فنعم شيئا إبداؤها [1]، حذف الإبداء الذي هو
المخصوص بالمدح حقيقة، و أقيم المضاف إليه الذي هو ضمير الصدقات مقامه لدلالة
السياق عليه.
[1] قال القرطبي في ج 3 ص 334: و اختلف
القراء في قولهفَنِعِمَّا هِيَ فقرء أبو عمرو و
نافع في رواية ورش و عاصم في رواية حفص و ابن كثير فنعما هي بكسر النون و العين و
قرء أبو عمرو أيضا و نافع في غير رواية ورش و عاصم في رواية أبي بكر و المفضل
فنعما بكسر- النون و سكون العين و قرء الأعمش و ابن عامر و حمزة و الكسائي فنعما
بفتح النون و كسر- العين و كلهم سكن الميم و يجوز في غير القرآن فنعم ما هي قال
النحاس و لكنه في السواد متصل فلزم الإدغام.
و حكى النحويون في نعم اربع لغات نعم الرجل زيد هذا الأصل و نعم
الرجل بكسر- النون لكسر العين و نعم الرجل بفتح النون و سكون العين و الأصل نعم
حذفت الكسرة لأنها ثقيلة و نعم الرجل و هذا أفصح اللغات و الأصل فيها نعم و هي تقع
في كل مدح فخففت و قلبت كسرة العين على النون و أسكنت العين فمن قرء فنعما هي فله
تقديران أحدهما ان يكون جاء به على لغة من يقول نعم و التقدير الآخر ان يكون على
اللغة الجيدة فيكون الأصل نعم ثم كسرت العين لالتقاء الساكنين.
قال النحاس فأما الذي حكى عن ابى عمرو و نافع من إسكان العين فمحال
حكى عن محمد بن يزيد انه قال اما إسكان العين و الميم مشددة فلا يقدر أحد ان ينطق
به و انما يروم الجمع بين ساكنين و يحرك و لا يأبه و قال أبو على من قرء بسكون
العين لم يستقم قوله لأنه جمع بين ساكنين الأول منهما ليس بحرف مد و لين و انما
يجوز ذلك عند النحويين إذا كان الحرف الأول حرف مد إذ المد يصير عوضا من الحركة و
هذا نحو دابة و ضوال و نحوه و لعل أبا عمرو أخفى الحركة و اختلسها كأخذه بالإخفاء
في بارئكم و يأمركم فظن السامع الإخفاء إسكانا للطف ذلك في السمع و خفائه.
قال أبو على و اما من قرء نعما بفتح النون و كسر العين فإنما جاء
بالكلمة على أصلها و منه قول الشاعر:
ما أقلت قدماي انهم
نعم
الساعون في الأمر المبر
قال أبو على و ما من قوله تعالى نعما في موضع نصب و قوله هي تفسير
للفاعل المضمر قبل الذكر و التقدير نعم شيئا إبداؤها و الإبداء هو المخصوص بالمدح
الا ان المضاف حذف و أقيم المضاف اليه مقامه و يدلك على هذا فهو خير لكم أي
الإخفاء خير لكم فكما ان الضمير هنا