هذا قبل فرض الزكاة كما في الكشاف أو كانت الدنانير مما لم يزكّ، و
قد وجبت فيه أو وجب الإنفاق بها أو منها فلم ينفق. و اللّه أعلم.
الرابعة و الخامسة في البراءة [53 و 54]قُلْ
أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً.
نصب على الحال أي طائعين أو مكرهينلَنْ
يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ قيل: الأمر في معنى الخبر أي لن تتقبل منكم أنفقتم طوعا أو كرها و
فائدته المبالغة في تساوي الانفاقين في عدم القبول كأنهم أمروا بأن يمتحنوا ينفقوا
و ينظروا هل تتقبل منهم.
إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ تعليل لردّ إنفاقهم على
طريق الاستيناف و ما بعده بيان و تقرير له.
وَ ما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ بالتاء و الياءمِنْهُمْ
نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ أي ما منعهم من ذلك شيء
إلّا كفرهم، و قرئ «يقبل»
على أن الفعل للّه و كذلك في منعهم، و أنّهم كفروا في موضع نصب كما
أنه على الأول في موضع رفع و قيل على الأوّل يجوز ان يكون التقدير و ما منعهم
اللّه منه الا لأنّهم كفروا.
وَ لا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَ هُمْ كُسالى متثاقلونوَ لا
يُنْفِقُونَ إِلَّا وَ هُمْ كارِهُونَ إن قلت كيف ذلك و قد جعلهم
اللّه طائعين في قوله طوعا و الكره ضدّ الطوع؟
قلت: لم يجعلهم طائعين في الواقع بل على سبيل الفرض، كأنّ المنافقين
كانوا يدّعون الطوع في ذلك و يظهرون توقع القبول، فنفى القبول أولا و لو كانوا
طائعين، ثم ردّ عليهم في دعوى الطوع.
و في الكشاف 1: قلت: المراد بطوعهم أنهم يبذلونه من غير إلزام من
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أو من رؤسائهم و ما طوعهم ذلك إلّا عن كراهة و
اضطرار لا عن رغبة و اختيار.
و اعلم أنّ الظاهر من الفسق ما هو أعمّ من الكفر و لا ينافي ذلك
تعليل عدم قبول إنفاقهم به لجواز التعليل بما يعمهم و غيرهم كأن يعلل عدم قبول
شهادتهم به من غير فرق فإنه قد لا يقبل إنفاق غير الكافر أيضا كشهادته مع الفسق، و
لا ينافيه ما بعده 1- الكشاف ج 2 ص 280.