اليهود و النصارى تغليظا، و دلالة على أنّ من يأخذ منهم السحت و من
لا يعطى منكم طيب ماله سواء في استحقاق البشارة بالعذاب الأليم.
و هذا يقتضي تعلّق البشارة بالأحبار و الرهبان و «الّذين» جميعا، و كأنه على نصب «الّذين» عطفا على اسم إنّ، و
الظاهر رفعه على الاستيناف، و ان يعمّ المسلمين و غيرهم على كلّ حال، و رجوع
البشارة إلى الّذين لا غير، لأنّ أنّ باعتبار «كثيرا» قد وجد الخبر و تمّ، فان
جاز مع ذلك فعلى بعد و تكلّف.
يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ في القاموس حمى الشمس و
النار حميا و حميا اشتدّ حرّهما، و أحماها اللّه، و كأنّه قد ضمّن معنى الإيقاد أي
يوم يشدّ في حرّ النار و توقد عليها، و لو قال يوم تحمى أي الكنوز مثلا من حمى
الميسم و أحميته لم يعط هذا المعنى و إنّما ذكّر الفعل مع أنّ الأحماء للنار لأنّه
أسند إلى الجار و المجرور و يوم ظرف لعذاب أو صفة له، قيل أو لأليم ظرفا أو صفة أو
لهما و يمكن كونه ظرفا لبشّره على بعدفَتُكْوى بِها
جِباهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ وجّه تخصيص تلك الأعضاء
بوجوه و قيل معناه يكوون على جميع البدن، لأنّ الجبهة كناية عن الأعضاء المقاديم،
و الجنوب عن الايمان و الشمائل و الظهور عن المآخير.
هذا ما كَنَزْتُمْ على إرادة القول، و هذا إشارة
إلى ما يكوى به.
لِأَنْفُسِكُمْ أي كنزتموه لتنتفع به
نفوسكم و تلتذّ، و ها هي تتضرّر به و تتعذّب.
فَذُوقُوا وبالما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ أو وبال كونكم كانزين أو
هذا إشارة إلى الكيّ و العذاب، و جعل ما كنزوا مبالغة في سببيّته له، حتّى كأنّه
هو فافهم.
و قرئ «يكنزون»
بضمّ النّون 1 و الآية ظاهرة في تحريم الكنز و عدم الإنفاق، و قيل
نسخت بالزكاة، و فيه أنّه لا منافاة على أنّ الأصل عدم النسخ فيحتاج الى دليل و
قيل ثابتة، و إنّما عني بترك الإنفاق في سبيل اللّه منع الزكاة.
1- نقله الالوسى ج 10 ص 79 فهو من باب ضرب و قعد و نقله ابن خالويه في
شواذ القرآن ص 52 عن يحيى بن يعمر و ابى السمال.