«وَأَنْتُمْ
تَتْلُونَ الْكِتابَ» تبكيت مثل قوله «وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ»* يعني تتلون التوراة و فيها
نعت محمّد، و فيها الوعيد على الخيانة و ترك البرّ و مخالفة القول العمل.
«أَفَلا تَعْقِلُونَ» توبيخ عظيم بمعنى أ فلا
تفطنون لقبح ما أقدمتم عليه حتّى يصدّكم استقباحه عن ارتكابه، فكأنكم في ذلك
مسلوبة العقل، لأنّ العقول تأباه و تدفعه، و نحوه «أُفٍّلَكُمْ وَ لِما
تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ» و في ذلك من الدلالة على
كون القبح عقليا ما لا يخفى، و لا يدفعه قوله «وَأَنْتُمْ
تَتْلُونَ الْكِتابَ» كما قاله التفتازانيّ.
في المجمع فان قيل: فاذا كان فعل البرّ واجبا و الأمر به واجبا فلما
ذا وبّخهم على الأمر بالبرّ؟ قلنا: لم يوبّخهم على الأمر بالبرّ، و إنّما وبّخهم
على ترك فعل البرّ المضموم إلى الأمر بالبرّ، لأن ترك البرّ ممن يأمر به أقبح من
تركه ممن لا يأمر به، كقول الشاعر:
لا تنه عن خلق و تأتى مثله
عار
عليك إذا فعلت عظيم
[1] و
هذا هو المشهور، و مقتضى الأصل و دليل العقل، من حيث حكمه ظاهرا بحسن الأمر
بالمعروف مطلقا إلّا ما يستلزم مفسدة، و ليست هنا، و النقل من النصوص الدالّة عليه
مطلقا، و الإخلال بأحد الأمرين المأمور بهما لا يوجب الإخلال بالآخر إلا
[1] البيت أنشده في المجمع ج 1 ص 96 و ص
98 و روح الجنان ج 1 ص 159 و 165 و معاني القرآن للفراء ج 1 ص 34 و التبيان ج 1 ص
69 و القرطبي ج 1 ص 367 و المغني في حرف الواو و سيبويه في الكتاب ج 1 ص 424 و ابن
عقيل عند شرح قول ابن مالك:
و الواو كالفاء ان تفد مفهوم مع
كلا
تكن جلدا و تظهر الجزع
و هو الشاهد 328 من الشرح ج 2 ص 353 و الآمدي في المؤتلف و المختلف
ص 173 ط 1381 و شرحه العيني ج 4 ص 393 بهامش الخزانة جاعلا عليه رمز ضهع و شرحه
القزويني في شرح شواهد المجمع ج 1 ص 252 و 266 الشاهد بالرقم 148 و 156.
و اختلفوا في المنسوب اليه البيت فقيل للأخطل و قيل لأبي الأسود
الدئلى و النسبة إليه أشهر و قيل للمتوكل الليثي و قيل غيرهم.