إقامة الصلاة الإتيان بها تامّة الأفعال و الشروط، و أداء وظائفها
المعتبرة، و الركوع لغة الانحناء، و قيل الخضوع، و شرعا انحناء خاصّ، قيل: أي بحيث
تصل يدا مستوي الخلقة إلى ركبتيه، أو خضوع خاصّ، و قد يعبّر به عن الصلاة لأنّ
الركوع أوّل ما يشاهد من الأفعال الّتي يستدلّ بها على انّ الإنسان يصلّى، أو
لكونه ركنا فيها أو لغير ذلك، و لا ريب ان ليس المراد مطلق الانحناء، فقيل: عبّر
به عن الصلاة و ذلك لأنّ الخطاب لليهود، و ليس في صلاتهم ركوع، و قوله «وَأَقِيمُوا
الصَّلاةَ»
كان يحتمل الإشارة إلى صلاتهم و الى صلاتنا، فاذا قيل ذلك اختصّ
بصلاتنا فيكون بيانا لا تكرارا و مجرّد تأكيد كما قيل.
و أصرح في هذا المعنى ما قيل انّ المراد اركعوا في الصلاة مع
الراكعين في صلاتهم، فيراد به المعنى الشرعيّ، و المعيّة على القولين كأنها
باعتبار الموافقة في الصلاة و الدخول في دين الإسلام، و حينئذ فالوجوب كما هو ظاهر
الأمر ظاهر، و إذا حمل على صلاة الجماعة كما قيل: كانت المعيّة أظهر، و لكنّ
الوجوب
[1] كاد ان يكون خلاف الإجماع، فامّا ان يحمل على الصلاة الّتي يجب فيها
الجماعة كصلاة الجمعة و العيدين، أو على شدّة الاستحباب للأخبار و الإجماع.
هذا و قد يستدلّ على الأوّل على ركنية الركوع، لتسميتها لاشتمالها
عليه و عدم انفكاكها عنه، فاذا عدم عدمت، و فيه نظر. و على الثاني على وجوب
الركوع، و على الأخير على عدم إدراك الجماعة مع عدم الركوع مع الامام، حتّى لو كان
الامام
[1] قد عرفت في حواشينا السابقة ان مفاد
الأمر طلب المولى و العقل يحكم بوجوب اطاعة امره فما دل على جواز الترك يكون واردا
على حكم العقل و لذا صححنا التعبير بقوله اغتسل للجمعة و الجنابة بأمر واحد دل
الدليل على جواز ترك أحدهما و يبقى الآخر محكوما بحكم العقل بلزوم الإتيان.