«وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً» و ربما يدّعى لزوم الخوف
للسفر غالبا و يؤيّد ذلك القراءة بترك «إِنْخِفْتُمْ».
على أنّ المفهوم معتبر ما لم يعارضه أقوى منه، و معارض هنا بأقوى و
أصرح منه من الإجماع و منطوق الأخبار من الخاصّة و العامّة كما تقدّم بعضها، قال
القاضي:
و قد تظافرت السنن على جوازه أيضا في حال الأمن، فترك المفهوم
بالمنطوق، و إن كان المفهوم حجّة أيضا لأنه أقوى.
و قيل: قوله «إِنْخِفْتُمْ» إلخ منفصل عمّا قبله روي عن أبي أيوب الأنصاري أنه قال: نزلت إلى
قوله
«أَنْتَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ» ثمّ بعد حول سألوا رسول
اللّه عن صلاة الخوف، فنزل «إِنْخِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا» الآية هو في الظاهر
كالمتصل به و هو منفصل عنه.
و على هذا فيجوز أن يكون التقدير: أقصروا من الصلاة إن خفتم الآية،
أو لا جناح عليكم أن تقصروا من الصلاة إن خفتم بقرينة السؤال و وقوعه في المصحف بعد
ذلك.
و على هذا يتوجّه القول الثاني أو الثالث في القصر بالنسبة إلى الخوف
مع الأوّل بالنسبة إلى السفر فليتأمل، و يتوجّه أيضا قول أصحابنا أنّ كلا من السفر
و الخوف موجب للقصر كما يتوجّه على قراءة ترك إن خفتم كما لا يخفى، على أنّ
الإجماع و الأخبار يكفي في ذلك كما تقدم و ربما أمكن فهم القصر مع الخوف وحده من
الآية الآتية بعد أيضا هذا.
و قيل: المعنى ان خفتم أن يفتنكم الّذين كفروا في الصلاة، و قيل في
أنفسكم أو دينكم، و كأنه لا منافاة، فافهم، و الفتنة قيل: القتل، و قيل: العذاب، و
الأظهر أنّه هنا التعريض للمكروه، و اللّه أعلم.
[صلاة الخوف]
السادسة في النساء أيضا [101]وَ إِذا كُنْتَ
فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَ
لْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَ
لْتَأْتِ طائِفَةٌ