مطلقا مخصّصة بما دلّت على التخيير في مواضعه الأربعة، و لا تنافي
الآية فتدبّر و أيضا إطلاق السفر يعمّ ما كان معصية، و لكن رفع الجناح عن القصر
إرفاقا يناسب التخصيص بالمباح فلا يبعد كما هو مقتضى الأخبار و الإجماع فتأمل.
في المجمع 1 إنّ في المراد من قصر الصلاة هنا أقوالا.
الف- أنّ معناه أن تقصروا الرباعيّات ركعتين ركعتين عن مجاهد و جماعة
من المفسّرين و هو قول الفقهاء، و مذهب أهل البيت عليهم السّلام.
ب- و ذهب إليه جماعة من الصحابة و التابعين منهم جابر بن عبد اللّه و
حذيفة بن اليمان و زيد بن ثابت و ابن عباس و أبو هريرة و كعب و كان من الصحابة
قطعت يده يوم اليمامة و ابن عمر و سعيد بن جبير و السدّي: أنّ المعنى قصر صلاة
الخوف من صلاة السفر لا من صلاة الإقامة لأنّ صلاة السفر عندهم ركعتان تمام غير
قصر، قال: فهنا قصران قصر الأمن من أربع إلى ركعتين، و قصر الخوف من ركعتين إلى
ركعة واحدة، و قد رواه أصحابنا أيضا.
ج- أنّ المراد القصر من حدود الصلاة عن ابن عباس و طاوس، و هو الذي
رواه أصحابنا في صلاة شدّة الخوف، و أنها تصلّى إيماء، و السجود أخفض من الركوع
فان لم يقدر على ذلك فالتسبيح المخصوص كاف عن ركعة.
د- أنّ المراد به الجمع بين الصلاتين، قال: و الصحيح الأوّل.
ثمّ لا ريب أنّ ظاهر الآية أنّ الخوف أيضا شرط للقصر، فلا قصر مع
الأمن لمفهوم الشرط، لكن قد علم جواز القصر ببيان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله
فنقول المفهوم و إن كان حجّة لكن بشرط عدم ظهور فائدة للتقيد سوى المفهوم، و يحتمل
أن يكون ذكر الخوف في الآية لوجود الخوف عند نزولها، أو يكون قد خرج مخرج الأعمّ
الأغلب عليهم في أسفارهم، فإنّهم كانوا يخافون الأعداء في عامّتها كما قيل، و مثله
في القرآن كثير مثل
«فَإِنْخِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما
فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ» 1- المجمع ج 2 ص 101 و لنا في تعاليقنا
على كنز العرفان ج 1 من ص 182 الى ص 186 مطالب مفيدة لا نكررها هنا و من شاء
فليراجع هناك.