دليل، إذ ليس المراد بجعلها فراشا ما يختصّ ببعض ما تقدّم، و كذا
إباحة الماء و استعماله و طهارته بل طهوريّته أيضا، لأنّها من جملة انتفاعاتها
المتعارفة المطلوبة منه. كما هو مقتضى مقام الامتنان، و لكن قوله «فَأَخْرَجَبِهِ مِنَ
الثَّمَراتِ»
ربّما استدعى خلافه فتأمّل.
و المقام يستدعي كون جميع الثمرات المخرجة رزقا و في المجمع في «كُلَّمارُزِقُوا» أنّ الرّزق عبارة عما يصحّ
الانتفاع به، و لا يكون لأحد المنع منه، و في القاموس: الرّزق ما ينتفع به، و قد
يقرب منه كلام القاضي كما يأتي فقد يستفاد إباحة الثّمرات جميعا و عموم الانتفاع
بها إلّا ما أخرجه دليل، و تحريم الشرك و ثبوت الوحدانيّة.
قال القاضي 1: اعلم أنّ مضمون الآيتين هو الأمر بعبادة اللّه و النهي
عن الإشراك به، و الإشارة إلى ما هو العلّة و المقتضي لها، و بيانه أنّه رتّب
الأمر بالعبادة على صفة الربوبيّة إشعارا بأنّها العلّة لوجوبها، ثمّ بيّن
ربوبيتها بأنّه خالقهم و خالق أصولهم و ما يحتاجون إليه في معاشهم من المقلة و
المظلة و المطاعم و الملابس، فإنّ الثمرة أعمّ من المطعوم، و الرّزق أعمّ من
المأكول و المشروب، ثمّ لمّا كانت هذه أمور الّتي لا يقدر عليها غيره شاهدة على
وحدانيّته، رتّب عليها النّهي عن الإشراك به.