بإضمار أن جواب له، أو بلعلّ على أنّه منصوب نصب فاطّلع في قوله
تعالى «أَبْلُغُالْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ» إلحاقا لها بالأشياء السّتة،
و ينبغي حينئذ أن يكون «الذي»
مفعول «يتّقون».
أو بالّذي جعل على أنّه نهي وقع خبرا على تأويل «مقول فيه لا تجعلوا» و الفاء
للسببيّة أدخلت عليه لتضمّن المبتدء معنى الشّرط أو بهو الذي على تقدير كونه خبرا،
فإمّا من عطف الإنشاء على الإخبار لجوازه أو بتأويل.
في الكشاف 1 الندّ المثل، و لا يقال إلّا للمثل المخالف المناوي، و
معنى «ليس للّه ندّ و لا ضدّ» نفي ما يسدّه مسدّه، و نفي ما ينافيه، و الكفّار
لما تقرّبوا إلى أصنامهم و عظّموها و سمّوها آلهة، أشبهت حالهم حال من يعتقد أنها
آلهة مثله قادرة على مخالفته و مضادّته، فقيل لهم الأنداد على سبيل التهكّم، و كما
تهكّم بهم بلفظ الندّ، شنّع عليهم و استفظع شأنهم من حيث الجمع بأن جعلوا أندادا
كثيرة لمن لا يصحّ أن يكون له ندّ قطّ، و قرئ «ندا».
«وَأَنْتُمْ
تَعْلَمُونَ»
حال من ضمير «فَلاتَجْعَلُوا» و المفعول محذوف أي و حالكم أنّكم من أهل العلم و النظر و إصابة
الرأي، متمكّنون من معرفة أنّه لا يجوز أن يكون له ندّ، أو مقدّر منويّ و هو أنّه
لا يجوز، أو لا يكون له ندّ، أو أنّه لا يقدر على مثل هذه الأفعال و لا يفعله
غيره، أو ما بينه و بينها من التفاوت، و على التقدير فالمقصود منه مزيد التوبيخ لا
تقيد الحكم و قصره عليه، فان الظّاهر أنّ العالم و الجاهل المتمكّن من العلم سواء
في التكليف، و لهذا صحّ الأوّل أيضا.
نعم يمكن أن يفهم أنّ الجاهل معذور على تقدير عدم القدرة على العلم و
تمكّنه منه، فيمكن أن يستفاد منه عدم التكليف بما لا يطاق، و يستنبط هنا أحكام
أخر:
منها إباحة السكون في أيّ جزء من الأرض كان على أيّ وجه أراد، و
الصلاة فيه و سائر العبادات، بل إباحة الأرض و التّصرف فيها سكنى و غيرها إلّا ما
أخرجه 1- الكشاف ج 1 ص 95.