صحّ فلا يوجب تخصيصه بالكفّار، فإنّ المأمور به هو العبادة مطلقا
يعمّ بدو العبادة و ازديادها، و المواظبة عليها.
في تفسير القاضي 1 إنّما قال ربّكم تنبيها على أنّ الموجب القريب
للعبادة هي الربوبيّة، و «الذي»
بصلته صفة جرت عليه للتعظيم و التّعليل، و يحتمل التقيد إن خصّ
الخطاب بالمشركين و أريد بالربّ أعمّ من الحقيقيّ و ما سمّوه باسمه، لكنّه خلاف
الظاهر كما لا يخفى.
و الخلق الإيجاد على تقدير و استواء، و لعلّ للترجّي و الإشفاق، تقول
لعلّ زيدا يكرمني، و لعلّه يهينني، و الجملة حال عن فاعل «اعبدوا» أي راجين أن تكونوا من
المتّقين، و ينبّه على أنّ العابد ينبغي أن لا يغترّ بعبادته بل يكون بين خوف و
رجاء، مع رجحان للرجاء.
أو عن الخالق لكن على طريق التشبيه بالرّاجي، أو عن المخلوقين كذلك،
فإنّه لما أزاح العلل في أقدارهم و تمكينهم، و هداهم النّجدين و أراد منهم الخير و
التقوى، فهم في صورة المرجوّ منهم أن يتّقوا لترجح أمرهم و هم مختارون بين الطّاعة
و العصيان.
و أمّا كونها علّة بمعنى كي موافقا لقوله «وَما خَلَقْتُ
الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ» كما يظهر من المجمع 2 فقد
أنكره الكشاف و القاضي 3 فعلى هذا يجوز أن يكون غرض المجمع بيان محصّل المعنى على تجوّز،
أو معناها المجازيّ و منعهما باعتبار الحقيقة أو على مقتضى مذهبه فتأمّل.
و «الّذين»
عطف على مفعول خلقكم و غلّب الخطاب على الغيبة في لعلّكم أو حذف «و إياهم» للحضور.
فان قلت: فهلّا قيل تعبدون لأجل اعبدوا أو اتّقوا لمكان يتّقون،
ليتجاوب 1- انظر البيضاوي ج 1 ص 106 ط مصطفى محمد.
2- انظر مجمع البيان ج 1 ص 60.
3- انظر الكشاف ج 1 ص 92 و البيضاوي ج 1 ص 108 ط مصطفى محمد و انظر
تعاليقنا على هذا الجزء ص 35 في معنى لفظة لعل و عسى من اللّه.