كان قصد تحصيل ثوابه و الخلاص من عقابه سبحانه بالعبادة له مؤكّدا
للإخلاص فيها و مقتضيا له، فلا ينافي الإخلاص، و بالجملة كلّ ما كان مقصودا منه
بالعبادة له لا ينافي قصده بها الإخلاص فيها له كما تقدّم في بحث النيّة الإشارة
إليه أيضا.
نعم مزيد المعرفة بجلال شأنه و عظيم سلطانه و اليقين بسعة فضله و إنعامه
و مشاهدة كمال إشفاقه و إحسانه توجب محبّة و رغبة في ابتغاء مراده بحيث لا يلحظ في
الامتثال شيء من حصول الثّواب و عدم العقاب، بل لا يخطران بالبال، و هذا أتمّ من
أن يتأكّد بنحو ما تقدّم.
و قد استدلّ بالآية على كون الإخلاص المذكور من أحكام الإسلام الّتي يلزم
كلّ مسلم و أنّ كلّ مسلم مأمور بذلك، لقوله «وَأَنَا أَوَّلُ
الْمُسْلِمِينَ» فإنّه يدلّ على أن غيره أيضا مكلّف مأمور بذلك، و أنّه أوّلهم، مع ما
ثبت من عموم التأسّي، و في تقديم «بذلك»
على «أمرت»
دلالة على الاختصاص، فامّا على اختصاص الأمر بذلك و ما يستلزمه أو
بالنّسبة إلى ما ينافي ذلك من الشّرك و نحوه، و أمّا كون ذلك من لوازم الإسلام
فمشكل، إذ يلزم الخروج منه بالرّياء.
فيمكن أن يقال معنى «للّه»
أنّ جميع ذلك هو مالكه و مستحقّه، فالمعنى واحد في الجميع، و الأمر
بالقول معتقدا أو باعتقاد ذلك أو الأمر بكونها منه أو جعلها على الوجه المذكور، و
المراد و أنا أوّل المنقادين لا الإسلام الشّرعيّ، و هو غير بعيد، و هو قريب من
الايمان، فيمكن على قول المعتزلة التشبّث بذلك في خروج المرائي من الايمان، و
الظّاهر أنّ الرّياء كبيرة فيصح على قول من يقول بالخروج بها من الايمان نحو هذا،
و يمكن كونه يعمّ الايمان بوجه فتأمّل، أو أوّل المنقادين انقيادا شرعيّا هو
الإسلام، فإذا كان شرعا لا يضرّ بالانقياد الرّياء و السّمعة مع الاعتقاد الصّحيح
في ذلك، لم يلزم الخروج بذلك كما لا يخفى، و على كلّ حال الظاهر أنّه لا يراد به
الإسلام و لو ظاهرا.
هذا و قال شيخنا 1 سلّمه اللّه: إنّه لا يفهم منها أنّ الإخلاص
المذكور من 1- انظر زبدة البيان ص 107 ط المرتضوي.