لما ذكر العمل الصالح و توعّد عليه جزيل الثواب، بقوله «مَنْعَمِلَ صالِحاً
مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَ
لَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ» وصل به قوله هذا إيذانا
بأنّ الاستعاذة- كقراءة القرآن- عندها من جملة الأعمال الصّالحة الّتي يجزل اللّه
عليها الثّواب.
و المعنى إذا أردت قراءة القرآن فاستعذ كقوله «إِذاقُمْتُمْ إِلَى
الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ» و قوله «إذا أكلت فسمّ اللّه» فعبّر عن
إرادة الفعل بلفظ الفعل، لأنه يوجد عند القصد و الإرادة بغير فاصل و على حسبه،
فكان منه بسبب قويّ و ملابسة ظاهرة مع ظهور المراد و تبادره عرفا و شرعا كما يدلّ
عليه إجماعنا و رواياتنا و رواياتهم بل إجماعهم أيضا.
و عن عبد اللّه بن مسعود 1 قرأت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و
آله فقلت أعوذ بالسّميع العليم من الشّيطان الرّجيم، فقال يا بن أمّ عبد، قل: أعوذ
باللّه من الشّيطان الرّجيم، هكذا أقرأنيه جبرئيل عليه السّلام عن القلم عن اللوح
المحفوظ و عن أبي سعيد الخدريّ أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقول قبل
القراءة أعوذ باللّه من الشّيطان الرّجيم 2 و هو ظاهر لفظ القرآن و المشهور بين
الأصحاب، و به قال أبو حنيفة و الشّافعيّ و في 1- الكشاف ج 2 ص 634 قال في الكاف
الشاف رواه الثعلبي عن شيخه ابى الفضل محمد بن جعفر الخزاعي بإسناده الى ابن مسعود
و رواه الواحدي في الوسيط عن الثعلبي.
2- المروي عن ابى سعيد الخدري في تفسير الإمام الرازي ج 1 ص 61 عن
البيهقي و المنتقى بشرح نيل الأوطار ج 2 ص 203 زيادة السميع العليم نعم في الوسائل
الباب 57 من أبواب القراءة في الصلاة ج 4 ص 801 المسلسل 7550 عن الشهيد الأول في
الذكرى عن ابى سعيد الخدري عن النبي صلّى اللّه عليه و آله انه كان يقول قبل
القراءة أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم.