شديدا و المخافتة ما دون سمعك أي لم يسمعه إذنك «وَابْتَغِ بَيْنَ
ذلِكَ سَبِيلًا» أي بين المخافتة و الجهر، أو بين الجهر الشديد و المخافتة جدا، فلا
يجوز الإفراط و لا التفريط، و يجب الوسط و العدل، لكن قد علم من السنّة الشريفة
اختيار بعض أفراد هذا الوسط في بعض الصلوات كالجهر غير العالي شديدا للرجل في
الصبح و أوليي المغرب و العشاء، و كالإخفات لا جدّا بحيث يلحق بحديث النفس في
غيرها من الفرائض، و هل ذلك على سبيل الوجوب أو الاستحباب؟ فيه نظر.
ثمّ لا يخفى أنّ ما نسب إلى أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام
لا ينافي ذلك.
قرئ «و ملائكته» بالرفع أيضا عطفا [1] على محلّ إنّ و اسمها، أو بحذف الخبر لدلالة يصلّون عليه، ثمّ
المشهور أنّ الصّلاة من اللّه الرّحمة و من غيره طلبها.
في الكشاف في تفسير قوله تعالى «هُوَالَّذِي يُصَلِّي
عَلَيْكُمْ وَ مَلائِكَتُهُ»[2] لمّا
كان من شأن المصلّى أن ينعطف في ركوعه و سجوده، أستعير لمن ينعطف على غيره حنوّا
عليه و ترؤّفا كعائد المريض في انعطافه عليه، و المرأة في حنوها على ولدها، ثمّ
كثر حتّى استعمل في الرّحمة و الترؤّف، و منه قولهم: صلّى اللّه عليك، أى ترحم
عليك و ترأّف.
[1] انظر كنز العرفان ج 1 ص 130 و الكشاف
ج 4 ص 557 و نقل هذه القراءة في شواذ القرآن ص 120 عن ابى عمرو و نقلها في روح
المعاني ج 22 ص 72 عن ابن عباس و عبد الوارث عن ابى عمرو و نقل في المجمع ج 4 ص
369 أيضا قراءة فصلوا عليه في الشواذ و قال في الحجة انما جاز دخول الفاء لما في
الكلام من معنى الشرط.
[2] انظر الكشاف ج 3 ص 545 و ص 546 تفسير
الآية 43 من سورة الأحزاب قال ابن- المنير في الانتصاف المطبوع ذيل الكشاف عند ما
نقله المصنف عن الكشاف في معنى صلاة الملائكة انه كثيرا ما يفر الزمخشري من اعتقاد
إرادة الحقيقة و المجاز بلفظ واحد و قد التزمه هنا.
قلت و قد قدمنا في ص 50- 55 من هذا الجزء عدم المانع من استعمال
اللفظ في أكثر من معنى واحد فراجع.