ثمّ من الأقوال [1] لا
تجهر بصلاتك كلّها و لا تخافت بها كلّها، و ابتغ بين ذلك سبيلا بأن تجهر في صلاة
اللّيل و تخافت بصلاة النّهار، و هذا مع كونه خلاف الظاهر توجب الإجمال مع وضوح
ظاهرها كما يأتي و أمّا المناقشة بأنّه يحتاج إلى كون صلاة الصبح من صلاة اللّيل،
و التخصيص بالأوّلتين فسهل مندفع بأن يقال و ابتغ بين ذلك ذلك سبيلا أي التبعيض
على ما بيّن في السنّة.
و منها أنّ المراد بالصلاة الدّعاء، و هو أيضا خلاف الظاهر، و ينافي
قوله تعالى «ادْعُوارَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَ خُفْيَةً» و في موضع آخر «خِيفَةًوَ دُونَ
الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ» حتّى قيل: إنّها منسوخة بذلك و اللّه أعلم.
و منها أن يكون خطابا لكلّ واحد من المكلّفين أو من باب إيّاك أعني و
اسمعي يا جاره أي لا تعلنها إعلانا توهم الرياء، و لا تسترها بحيث يظنّ بك تركها و
التهاون بها.
و منها لا تجهر جهرا يشتغل به من يصلي بقربك و لا تخافت حتّى لا تسمع
نفسك عن الجبائي، و كأنّه يريد بما يشغل القريب رفع الصوت بها شديدا كما هو ظاهر
الآية، و المرويّ من طرقنا و قال به أصحابنا أنّ الجهر أن ترفع صوتك
[1] هذا القول أخرجه في الدر المنثور عن
ابن ابى حاتم عن ابن عباس ج 4 ص 208 و كذا في روح المعاني ج 5 ص 179 و ذكره كثير
من المفسرين قولا من دون نسبة.
و استحسنه العلامة الطباطبائي مد ظله في الميزان ج 13 ص 241 الا
انه مد ظله علق هذا المعنى على كون اللام في الصلاة للجنس لا للاستغراق و لعله سهو
من قلمه الشريف إذ ليس هناك لام في الصلاة في الآية و انما الآيةوَ لا تَجْهَرْ
بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها، و على أى فقال
بعد ذكر احتمال المعنى ما هذا لفظه:
و لعل هذا الوجه أوفق بالنظر الى اتصال ذيل الآية بصدرها فالجهر بالصلاة
يناسب كونه عليا متعاليا و الإخفات يناسب كونه قريبا أقرب من حبل الوريد فاتخاذ
الخصلتين جميعا في- الصلوات أداء لحق أسمائه جميعا انتهى.
و اختار الفاضل الجواد في المسالك عدم وجوب الجهر و الإخفات و
أنهما من السنن المؤكدة انظر ج 1 ص 202.