في الكنز 1 اتفق المفسّرون على أنّ المراد هنا بالنداء الأذان، ففيه
دليل على أنّ الأذان و النداء إلى الصلاة مشروع بل مرغوب فيه من شعائر الإسلام، و
يومئ إلى أنّ ما يشعر بالتهاون بشعار من شعائر الإسلام حرام لا يجوز، و لا لعبا بل
كلّ ما يعدّ لعبا لا يجوز بالنسبة إلى شيء من أمور الدّين و أحكامه فكيف الاستهزاء.
و ربّما أشعر بأنّ اتّخاذ نحو الصلاة و المناداة إليها هزوا و لعبا
هو اتّخاذ الدّين كذلك، و فيه تنبيه أيضا على أنّه لا ينبغي أو لا يجوز موالاة
المجانين و السّفهاء و أنّ دين الرّجل من عقله و على قدر عقله.
قيل: كان رجل من النصارى 2 بالمدينة إذا سمع المؤذّن يقول: أشهد أنّ
محمّدا رسول اللّه، قال حرق الكاذب، فدخل خادمه بنار ذات ليلة و هو نائم فتطايرت
منها شرارة في البيت فاحترق البيت و احترق هو و أهله، و قيل فيه دليل على أنّ ثبوت
الأذان بالكتاب لا بالمنام. و فيه نظر، نعم يدلّ على ما تقدّم، و على أنه كان ثابتا.
1- انظر كنز العرفان ج 1 ص 112.
2- حكاه في الكشاف ج 1 ص 650 و في الكاف الشاف أخرجه الطبري من رواية
أسباط عن السدّي و حكى القصة في البحار ط كمپانى ج 18 ص 160 عن السدّي و قال في
الكشاف و قيل فيه دليل على ثبوت الأذان بنص الكتاب لا بالمنام وحده و انظر تعاليقنا
على كنز العرفان من ص 112 الى ص 114 ج 1 و مسالك الافهام ج 1 من ص 192 الى ص 194.