ذلك من اللّه سبحانه و هو واقع إلّا أنّه أتى بعسى و نحوه لطفا
بالعباد، و تنبيها لهم على عدم القطع و عدم اليأس فليتأمل.
ثمّ في الآية من الحثّ على تعمير المساجد و تعظيم شأنه ما لا يخفى، و
قيل المراد العمارة المعروفة من بنائه و مرمّته عند الخراب أو إزالة ما تكره النفس
منه مثل كنسها روي 1 أنّ من كنس مسجدا يوم الخميس و ليلة الجمعة فأخرج من التّراب
مقدار ما يذرّ في العين غفر اللّه له.
و تنويرها بالسّراج روي أنّ 2 من أسرج في مسجد سراجا لم تزل الملائكة
و حملة العرش يستغفرون له ما دام في ذلك المسجد ضوء، و قيل: المراد شغلها بالعبادة
مثل الصّلاة و الذكر و تلاوة القرآن قيل: و صيانتها من أعمال الدنيا و اللّهو و
اللغط و عمل الصنائع، و ظاهر القاضي و الكشاف و الجوامع: القول بالجميع، و قد
تقدّم ما يقتضي ذلك في الجملة.
قالوا: و من الذكر درس العلم، قالا بل هو أجلّه و أفضله و كذا
صيانتها من أحاديث الدّنيا فضلا عن فضول الحديث و في الحديث 3 «يأتي في آخر الزّمان ناس من
أمّتي يأتون المساجد فيقعدون فيها حلقا ذكرهم الدّنيا و حبّ الدّنيا، لا تجالسوهم
فليس للّه بهم حاجة».
و فيه أيضا 4: الحديث في المسجد تأكل الحسنات كما تأكل البهيمة
الحشيش و في الصّحيح 5 عن عليّ الحسين عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و آله: من سمعتموه ينشد 1- انظر الوسائل الباب 32 من أحكام المساجد.
2- الوسائل الباب 34 من أبواب أحكام المساجد و قريب منه في الكشاف ج 2 ص
255.
3- الوسائل الباب 14 من أبواب أحكام المساجد و قريب منه في الكشاف ج 2 ص
254.
4- ترى مضمونه في مستدرك الوسائل ج 1 ص 228 و الكشاف ج 2 ص 254.