تعالى جعلهم يجرون من بنى آدم مجرى الدم، و صدور بني آدم مساكن لهم.
«إِنَّاجَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ» أي أعوانا لهم و سلّطناهم
عليهم يزيدون في غيّهم عن الزجّاج، و ذلك بأن خلّي بينهم و بينهم لن يكفّ عنهم
حتّى تولّوهم، أو أطاعوهم فيما سوّلوا لهم من مخالفة اللّه كما في الجوامع.
و في البيضاوي: بما أوجدنا بينهم من التناسب، أو بارسالهم عليهم و
تمكينهم من جذبهم و خذلانهم، و حملهم على ما سوّلوا لهم، و فيهما نظر، و يمكن أن
يقال بأن أوجدهم على ما بينهم من التناسب و التمكّن من التسويل، ثمّ لم يكفّ عنهم،
و لا يبعد كونه مراد الجوامع، فلا يجوز للمؤمن أن يأخذه وليا؛ بل لا يكون حينئذ
مؤمنا بل لا يجوز متابعته و الميل إلى ما يدعو، و قد يومئ إلى أنّ الفاسق ليس
بمؤمن و اللّه أعلم.
«وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً» هي ما تبالغ في القبح من
الذنوب، عن ابن عباس 1 و مجاهد هي هنا طوافهم بالبيت عراة، و عن عطاء هو الشرك، و
اللفظ مطلق و التقيد خلاف الظاهر.
«قالُواوَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَ اللَّهُ أَمَرَنا بِها» أي إذا ما نهوا عنها و سئلوا،
اعتذروا و احتجّوا بأمرين: بتقليد الآباء، و الافتراء على اللّه، و هو أقبح من
الأوّل أو قالوا ذلك ترويجا لها أو تلبيسا و قيل هما جوابان لسؤالين مترتّبين 2.
«قُلْإِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ» بشيء منها فكيف يكون
أمركم بها أو آباءكم، فاذا لا يجوز تقليدهم فيها، و قيل هو ردّ للثاني و إعراض عن
التقليد لظهور فساده
«أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ» إنكار يتضمّن النهى عن
الافتراء على اللّه، بل عن الأعم من الافتراء تأمل.
1- الدر المنثور ج 3 ص 77.
2- كأنه لما فعلوها قيل: لم فعلتم؟ فقالوا وجدنا عليها آباءنا، فقيل: و
من أين أخذ آباؤكم فقالوا: اللّه أمرنا بها. كذا في هامش الأصل.