يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً (الأعراف: 26) خلقناه لكم
بتدبيرات 1 سماوية و أسباب نازلة منه، و نظيره قوله تعالى «وَأَنْزَلَ لَكُمْ
مِنَ الْأَنْعامِ» و قوله
«وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ» فنبّه على أنّ للأمور
السماوية كالمطر دخلا في حصول اللباس و غيره أو إشارة إلى علوّ رتبته و جلال
مرتبته تعالى، فان منه إلينا نزول من العليا الى السفلى، و في الكشاف: جعل ما في
الأرض من السماء لأنّه قضي ثمّ و كتب.
و في الكنز لأنّ التأثير بسبب العلويّات أو عند مقابلاتها و
ملاقياتها على اختلاف الرأيين، فليتأمل، و قال القرطبيّ: و قيل ألهمناكم كيفية
صنعته، و قيل هذا الانزال إنزال شيء من اللباس مع آدم و حوّاء ليكون مثلا لغيره.
يُوارِي سَوْآتِكُمْ صفة لباسا أى يستر عوراتكم
و كلّ ما يسوء كشفه منكم، روي أنّ العرب 2 كانوا يطوفون بالبيت عراة و يقولون: لا
نطوف في ثياب عصينا اللّه فيها فنزلت، قال القاضي 3 لعلّ ذكر قصّة آدم تقدمة لذلك
حتّى يعلم أنّ انكشاف العورة أوّل سوء أصاب الإنسان من الشيطان، و أنه أغويهم في
ذلك كما أغوى أبويهم.
1- الحق أن الإنزال في القرآن يستعمل كثيرا في إسداء النعمة من الخالق
الى المخلوق، تشبيها للعلو الرتبي بالعلو الحسي و مع هذا المعنى للإنزال يحل كل
مشكل في كل مورد استعمل فيه كلمة الانزال، مثل انزل القرآن و إنزال الحديد و
اللباس و غيره و اللّه العالم، 2- انظر المجمع ج 2 ص 410 و الدر المنثور ج 3 ص 75
الى 78.