خواجه نصير الدين الطوسي رحمه اللّه عليه حين حضر بعض مجالس المحقق
نجم الدين بن سعيد و جرى في درسه هذه المسئلة أورد على المحقق بما ملخصه انه ان
كان الى القبلة فواجب و الا فحرام فأجابه المحقق أعلى اللّه مقامه ثم صنف رسالة في
تحقيق الجواب و السؤال و بعثها اليه فاستحسنها العلامة حين وقف عليها و قد نقل
الرسالة بتمامها ابن فهد الحلي قدس سره في المهذب و لما يطبع و لم أظفر في الكتب
الفقهية المطبوعة طبع هذه الرسالة فأعجبني ان أنقلها بعينها هنا لتصير موردا
لاستفادة الفقهاء الكرام و الرسالة على ما في المهذب البارع:
بسم اللّه الرحمن الرحيم جرى في أثناء فوائد المولى أفضل علماء
الإسلام و أكمل فضلاء الأنام نصير الدنيا و الدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي
أيد اللّه بهمته العالية قواعد الدين، و وطد أركانه، و مهد بمباحثه السامية عقائد
الايمان، و شيد بنيانه- اشكالا على التياسر، و حكايته الأمر بالتياسر لأهل العراق
لا يتحقق معناه لان التياسر أمر إضافي لا يتحقق إلا بالإضافة الى صاحب يسار متوجه
إلى جهة.
و حينئذ اما أن تكون الجهة محصله و اما أن لا تكون، و يلزم من
الأول التياسر عما وجب التوجه اليه و هو خلاف مدلول الآية و من الثاني عدم إمكان
التياسر إذ تحققه موقوف على تحقق الجهة التي يتياسر عنها ثم يلزم مع تحقق هذا
الاشكال تنزيل التياسر على التأويل أو التوقف فيه حتى يوضحه الدليل.
و هذا الاشكال مما لم تقع عليه الخواطر و لا تنبه له الأوائل و لا
الأواخر و لا كشف عن مكنونه الغطاء، لكن الفضل بيد اللّه يؤتيه من يشاء.
و فرض من يقف على فوائد هذا المولى الأعظم من علماء الأنام، أن
يبسطوا له يد الانقياد و الاستسلام، و أن يكون قصاراهم التقاط ما يصدر عنه من
جواهر الكلام، فإنها شفاء الأنفس و جلاء الافهام، غير أنه ظاهر اللّه جلاله و لا
أعدم أولياءه فضله و إفضاله سوغ لي الدخول في هذا الباب و اذن لي أن أورد ما يخطر
في الجواب ما يكون صوابا أو مقارنا للصواب، فأقول ممتثلا لأمره مشتملا على ملابس
صفحة و غفره.
انه ينبغي أن يتقدم ذلك مقدمة تشتمل على بحثين:
الأول لفقهائنا قولان أحدهما أن الكعبة قبلة لمن كان في الحرم، و
من خرج عنه و التوجه إليها متعين على التقديرات فعلى هذا لا يتياسر أصلا، و الثاني
أنها قبيلة لمن كان في