فحذف المفعول الثاني و هو نهاب الملك أو نبالي به و نحو ذلك. أو حذف
خبر «إنا»
بهذا المعنى. أو كليهما فحذف المفعول الثاني بالمعنى المتقدم و خبر «إنا» بما يريد ان يتصوره السامع
من التهويل بالتحمس. و قال آخر
إذا قيل سيروا ان ليلى لعلها
جرى
دون ليلى مائل القرن أغضب
فحذف خبر «لعل»
لنكتة آثرها فيما يتمناه من ليلى. و قال عبيد بن الأبرص يخاطب
امرء القيس نحن الأولى فاجمع جمو
عك
ثم وجههم إلينا
فحذف الصلة ليحضر في ذهن السامع ما يريده الشاعر من وجوه الحماسة و
التهويل.
و قد جمعنا في هذه المقدمة بعض الشواهد للحذف و أغراضه السامية لنحيل
عليه في الاستشهاد لما يأتي من فرائد القرآن الكريم في وجوه البلاغة و براعة
البيان: هذا و قد استفاضت الرواية عن أهل البيت عليهم السلام في
انه كان قبل آدم في الأرض نوع من الخلق قد أفسدوا و أهلكوا كما في رواية علي
بن ابراهيم في تفسيره في الصحيح عن أبي عبد اللّه عليه السلام و القوي عن الباقر
(ع) عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام و رواه الصدوق أيضا في العلل. و رواية
تفسير البرهان عن العياشي عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه (ع) و العياشي عن علي
بن الحسين و عن عيسى بن حمزة عن أبي عبد اللّه. و روى ذلك الحاكم في مستدركه من
طريق الجمهور و صححه عن ابن عباس. و أخرجه الطبري في تفسيره أيضا
و لما ذكر اللّه خلقه للأرض و ما فيها لينتفع الإنسان بذلك و ذكر خلق
السماوات ذكر ابتداء خلقه للإنسان و ما جرى في ذلك من الشؤون و ما في خلق الإنسان
من الحكمة و الكرامة لبعض أفراده ذوي الفضل فقال عز و جل 30وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ
لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً «إذ» ظرف و عامله محذوف يفسره
قوله تعالى «قالوا»
إلى آخر القصص كما يأتي ان شاء اللّه. و جاعل خالق من أجعله خليفة. و
الخليفة من يخلف غيره و يجوز أن يكون المراد من يخلف الخلق السابق المذكور في
الروايات المشار إليها. و قيل ان «إذ» مفعول به أي اذكر في القرآن ذلك الحين للناس كقوله تعالىوَ اذْكُرْ فِي
الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ و لكن يلزم من هذا القول
ان يكون