و السيوطي في الدر المنثور عن زيد بن اسلم ان الآية نزلت في شاس بن
قيس اليهودي لما أمر يهوديا أن يجلس مع الأوس و الخزرج و يهيج الأضغان فيما بينهم
و يذكرهم الحروب التي دارت فنما بينهم من يوم بغاث و ما قبله: و يدفع ذلك مع و هن
السند ان ذلك ليس صدا عن سبيل اللّه و إنما يناسبه التوبيخ على القاح الفتنة و
تهييج الشر بين الناس. فالآية الكريمة على رسلها في توبيخ اهل الكتاب على دأبهم في
التصدي لإضلال الناس و صدهم عن الإسلام بأنواع الوسائل.
و السبيل كالطريق يذكر و يؤنث و الأكثر في القرآن تذكيره. و جاء
مؤنثا في سورة يوسف 108قُلْ هذِهِ سَبِيلِي و في هذه الآيةتَبْغُونَها أي السبيل قال في التبيان
و معناه تطلبون لها عوجا. و نحوه في الكشاف. و حكاه الرازي في تفسيره عن ابن
الأنباري و انه مثل وهبتك درهما أي وهبت لك. و صدتك ظبيا أي صدت لك و أنشد:
فتولى غلامهم ثم نادى
أ
ظليما اصيدكم أم حمارا
و في النهاية في الحديث ابغني أحجارا استطيب بها يقال ابغني كذا
بهمزة الوصل أي اطلب لي و ابغوني حديدة استطيب بها. و في لسان العرب قال واقد بن
الغطريف كما في ديوان الحماسة و غيره:
لئن لبن المعزى بماء مويسل
بغاني
داء إنني لسقيم
و قال الأعشى:
حتى إذا ذرّ قرن الشمس صبّحها
ذؤال
نبغان يبغي قومه المتعا
أي يبغي لصحبه الزاد. و في الصحاح «ليبغيه خيرا و ليس بفاعل» أي
ليبغي لهعِوَجاً مفعول لتبغونها و مثله في سور الأعراف 43 و 84 و هود 22 و ابراهيم 3
و في مجمع البيان في سورة الأعراف و يجوز ان يكون منصوبا على المصدر نحو رجع
القهقرى و اشتمل الصمّاء و يدفعه ان العوج ليس من معنى يبغون و لا يدانيه فلا يكون
مثل هذين المثالين. و المصدر لا ينصب على المصدرية إلا بعامل من لفظه او معناه. و
ذكر الرازي وجها آخر و هو ان يكون عوجا في موضع الحال و المعنى تبغونها ضالين يعني
حال كونكم معوجين. و يدفعه ان لا قرينة و لا حاجة الى تأويل عوجا بمعوجين مضافا
الى ان الآية معناها الإنكار على اضلالهم لاضلالهم و قد