responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 5  صفحه : 346

وقوله:
معتقة صاع المزاج لرأسها * أكاليل در ما لناظمها سلك جرت حركات الدهر فوق سكونها * فذابت كذوب التبر أخلصه السبك وقد خفيت من لطفها فكأنها * بقايا يقين كاد يذهبه الشك ثالثا انه كان للشعراء الأقدمين ألفاظ محدودة وأساليب معينة فتجاوزها أبو نواس. قال ابن رشيق في العمدة: وللشعراء ألفاظ معروفة وأمثلة مألوفة لا ينبغي للشاعر ان يعدوها ولا ان يستعمل غيرها كما أن الكتاب اصطلحوا على ألفاظ بأعيانها سموها الكتابية لا يتجاوزونها إلى سواها الا ان يريد شاعر ان يتطرق باستعمال لفظ أعجمي فيستعمله في الندرة وعلى سبيل الحظرة كما فعل الأعشى قديما وأبو نواس حديثا انتهى وظاهره انه حصر تجاوز أبي نواس في استعمال لفظ أعجمي وهو غير صواب فقد تجاوز بما هو أوسع من ذلك كثيرا.
رابعا التصرف في المعاني فقد تصرف أبو نواس في المعاني ما شاء كما أشار اليه أبو حاتم السجستاني بقوله كما مر: كانت المعاني مدفونة حتى اثارها أبو نواس. فمن تصرفه في المعاني قوله الذي جعله به ابن الاعرابي أشعر الناس كما مر: تغطيت من دهري البيتان السابقان عند الكلام على تقديمه على الشعراء فان كونه تغطي عن الدهر بظل جناح الممدوح فصار يرى الدهر والدهر لا يراه والأيام لا تدري اسمه ولا مكانه فلا تناله بصروفها ومحنها ومصائبها لهو من المعاني الغريبة الطريفة التي لم يسبق إليها والكنايات البديعة التي تصرف فيها أحسن تصرف. ومن تصرفه في المعاني قوله:
أقول للسقم كم ذا قد لهجت به * فقال لي مثل ما تهواه أهواه حلفت للسقم اني لست أذكره * وكيف يذكره من ليس ينساه ومن تصرفه في المعاني قوله:
براه الله من ذهب ودر * فأحسن خلقه لما براه فلما خطه بشرا سويا * حذا حور الجنان على حذاه وقوله:
صيغ هذا الناس من حما * وبراه الله من ذهب عجبا لم يثنه حرج * دون قتلي عف عن سلبي وقوله:
أصبني منك يا املي بذنب * تتيه على الذنوب به ذنوبي ومن تصرفه في المعاني ما قاله فيمن دخلت لي مأتم كما في تاريخ دمشق:
يا منسي المآتم أشجانه * لما اتاه في المعزينا استقبلتهن بيمنى لها * فقمن يضحكن ويبكينا حق لهذا الوجه ان يزدهي * من حزنه من كان محزونا وقال في جارية تبكي ميتا كما في تاريخ دمشق:
كان صفاء الدمع في حمرة الخد * حكى الدر منثورا على ورق نضر فيا نور عيني لو كففت عن البكا * وناديت من أبكاك قام من القبر وقال في باكية في مأتم:
يا قمرا أبصرت في مأتم * يندب شجوا بين أتراب ابرزه المأتم لي كارها * برغم دايات وحجاب يبكي فيذري الطل من نرجس * ويلطم الورد بعناب فقلت لا تبك قتيلا مضى * وابك قتيلا لك بالباب لا زال موتا دأب أحبابه * ولا تزل رؤيته دابي ومن ذلك قوله وقد رأى جارية خرجت من قصر فكلمها فقالت له بهذا الوجه؟! فقال كما في تاريخ دمشق:
وقصرية أبصرتها فهويتها * هوى عروة الغوري والعاشق النهدي فلما تدانى هجرها قلت واصلي * فقالت بهذا الوجه تبغي الهوى عندي فقلت لها لو أن في السوق أوجها * تباع بنقد أو تباع سوى نقد لبدلت وجهي واشتريت مكانه * لعلك ان تهوين ودي من بعد فان كنت ذا قبح فاني شاعر * فقالت وان أصبحت نابغة الجعد وقوله:
تنازعه القلوب إلى هواها * فتغتصب القلوب به القلوب وقوله:
يا من حوى الحسن محضا * واهتز كالغصن غضا لو أسخطتك حياتي * قتلت نفسي لترضى ومن بديع تصرفه في المعاني قوله في وصف الخمر:
مدام تبدت في مقام مشرف * تلوح لنا أنوارها ثم تختفي ولما شربناها ودب دبيبها * إلى موضع الاسرار قلت لها قفي مخافة ان يسطو علي شعاعها * فيطلع جلاسي على سري الخفي ومن تصرفاته في المعاني قوله:
أفنيت فيك معاني الشكوى * وصفات ما القى من البلوى قلبت آفاق الكلام فما * أبصرتني أغفلت من معنى واعد ما لا اشتكي غبنا * فأعود فيه مرة أخرى فلو انما أشكو إلى بشر * لا راحني ظني من الشكوى لكنما أشكو إلى حجر * تنبو المعاول منه أو أقسى ظبي بمبكاه ومضحكه * فينا تنير وتظلم الدنيا خامسا كثرة النكات في شعره فإنه كثيرا ما يأتي بالنكات النادرة والنوادر المستملحة في شعره ويتصرف فيها تصرفات لا تكاد توجد لغيره ويستشهد بالأمور الدينية في الغزل وغيره. في تاريخ بغداد قال حسن بن الداية دخلت على أبي نواس في مرضه الذي مات فيه فقلت له عظني فرفع رأسه إلي وأنشأ يقول:
تكثر ما استطعت من الخطايا * فإنك بالغ ربا غفورا ستبصر ان وردت عليه عفوا * وتلقى سيدا ملكا كبيرا تعض ندامة كفيك مما * تركت مخافة النار السرورا فقلت له ويلك في مثل هذه الحال تعظني بمثل هذه الموعظة فقال اسكت حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن انس عن رسول الله ص أنه قال ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر من متي انتهى. قال ابن خلكان: ما أحسن ظن أبي نواس بربه حيث يقول وأورد الأبيات ثم قال وهذا من أحسن المعاني وأغربها انتهى ويمكن القول بان هذه الأبيات أقرب إلى حسن النكتة منها إلى حسن الظن بربه تعالى فان حسن الظن له

نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 5  صفحه : 346
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست