responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 11  صفحه : 203

 

الكتاب و لا في روح النبوة و لا في التبليغ اما الكتاب الكريم فإنه لم يتكفل ببيان جميع تفاصيل الأحكام و ان قال الله تعالى انه تبيان لكل شي‌ء لانه لا بد من حمل ذلك على بعض الوجوه مثل ان فيه أصول الأحكام اما تفاصيلها فلا أو غير ذلك لما نراه بالبديهة ان جملة من الأحكام أو تفصيلها لا يمكن استفادته من الكتاب فهو دال مثلا على وجوب الصلوات الخمس اما ان الظهرين و العشاء اربع ركعات و المغرب ثلاث و الصبح ركعتان و ان التكفير في الصلاة مستحب أو غير مشروع فلا، و على وجوب الزكاة و ليس فيه انها في اي شي‌ء و ما مقدارها و شرائط وجوبها و ليس فيه جميع تفاصيل أحكام الحج و لا اشتراط رفع الجهالة في البيع و ان الربا في اي شي‌ء يتحقق، و لا ان النكاح يقع بلفظ أعطيت أو لا بد من زوجت و أنكحت و هكذا جميع الأحكام من الطهارة إلى الديات فلا يقال عن هذا انه قصور في بيان الكتاب فان الكتاب لم يرد منه الا هذا المقدار من البيان و أوكل التفصيل إلى بيان الرسول (ص) و الاختلاف في مسائل الدين كثير من الصدر الأول إلى اليوم مع وجود القرآن العظيم و كل يدعي ان الحق معه فظهر ان الكتاب لا يمكن ان يستغنى به وحده و من زعم ذلك فقد غالط نفسه أو حاول العناد. و اما انه ليس قصورا في روح النبوة و لا في التبليغ فلأنه قد وقع الاختلاف في الأحكام التي بينتها روح النبوة أصولا و فروعا و لم يستلزم ذلك هذا القصور فان المبلغين بالفتح منهم من حفظ و منهم من نسي و ضيع و منهم من غير كما يشهد بذلك اختلاف الأمة المستمر من الصدر الأول إلى اليوم و ما بعد اليوم فدعوى الحاجة إلى امام معصوم ليست طعنا في أصل الدين بل هي دفاع عنه و انما دعوى عدم عصمة الامام هي الطعن في أصل الدين بان صاحب الشرع و الدين ترك الأمة سدى لم ينصب لها من يحفظ عليها دينها و رضي لها بنصب من ليس بمعصوم عن الخطا في أمور الدين.

و اما دعواه ان عقيدة انحصار الائمة في عدد قد اضطرت الشيعة الاثني عشرية إلى أقوال كلها مستحيلة فكان عليه ان يبين هذه الأقوال لنبين له انها ممكنة واقعة و ان غيرها هو المستحيل و انحصار الائمة في عدد قد أخذته الشيعة الاثنا عشرية مما ثبت عن صاحب الرسالة و روته ثقات المسلمين منا و منكم في الصحاح الستة و غيرها من قوله (ص): الائمة من قريش. يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش أو من بني هاشم. من مات و لم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية. اني تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا من بعدي كتاب الله و عترتي أهل بيتي و انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. دل الحديث الأول و الثاني على ان الامام لا يكون الا قرشيا و عليه إجماع المسلمين و الحديث الثالث على انه لا بد ان يوجد واحد منهم في كل زمان و الا لكان التكليف بمعرفته تكليفا بغير المقدور و ليس في قريش أئمة بهذا العدد و في كل زمان منهم واحد غير الائمة الاثني عشر. و دل الحديث الرابع على عصمة العترة كالكتاب و الا لأمكن ان يكون المتمسك بها ضالا و ان العترة لا تفارق الكتاب حتى ورود الحوض. و لا يكون ذلك الا بوجود امام معصوم منها في كل زمان. و ليس المراد جميع العترة لوقوع الذنوب من بعضها و للإجماع على ان غيرها ليس بمعصوم. فبان ان انحصار الائمة في عدد محدود ثابت لا مناص منه و لا يمكن ان يضطرنا إلى قول مستحيل. و انما القول بعدم انحصار الائمة في عدد قد اضطر غيرنا إلى القول بامامة أمثال يزيد بن معاوية و مروان بن الحكم و الوليد و يزيد صاحب حبابة من بني امية و أمثالهم من بني العباس أو ان تكون الأمة التي يتغنى بذكرها و يدعي عصمتها ماتت ميتة جاهلية. و قال في صفحة (م) التي هي ص 40: و الشيعة بدعواها في الائمة تصغر حق الأمة و قوتها غاية التصغير و القرآن الكريم قد رفع و يرفع قدر الأمة و قوتها مكانا عليا دونه مكان إدريس و يعلي بشأن الأمة و حرمتها درجات دونها كل درجة و قد تلونا من قبل مئات من الآيات تشهد بذلك و نتلو الآن آيات بشرتنا بما ستبلغه الأمة بقوتها و عقلها و اجتهادها و سعيها في مستقبل الأيام. (و لو ان ما في الأرض من شجرة أقلام و البحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله). اي كلمات الله التي ستكتبها الأمة تداركا لما كان لنبيها من الأمية. ثم كل هذا ليس على مجرد الكلام و الكلمات بل منه أيضا ان وجه الحكمة و تأمل عجائب الصنعة و ادراك إتقان نظام الخلقة لا ينفد. و من أعجب ما أراه في نسق الآيات ان آية (قل انما انا بشر مثلكم يوحى إلي انما إلهكم اله واحد) بعد آية (قل لو كان البحر مدادا) فان النبي جعل نفسه في هذه الآية مثل فرد من أمته في تلك الأيام فيكون الفرد من أمته مثل نبيها.

و نقول ان كانت الشيعة على زعمه بدعواها الحاجة إلى امام معصوم تصغر قدر الأمة يلزمه هو ان تكون الأمة اجمع باتفاقها على الاحتياج إلى امام معصوم أو غير معصوم قد صغرت حق الأمة و قوتها غاية التصغير و القرآن الكريم قد رفع و يرفع قدرها مكانا عليا فوق مكان إدريس ع.

و النبي (ص) بقوله: من مات و لم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية.

و بقوله الائمة من قريش قد صغر حق الأمة و قوتها غاية التصغير. و الأمة إذا كانت غير معصومة بالبرهان و الوجدان. و الغالب عليها الظلم و الفساد في كل عصر و زمان فالقول بان الله تركها بدون ان يقيم لها اماما معصوما يفرق بين الحق و الباطل و يحكم بينها بالعدل و تركها تقيم لنفسها من هو مثلها في الخطا و عدم العصمة هو أعظم تصغير لحقها و تهاون بها لو كان هذا الرجل يدري ما يقول. و اما قوتها فان نراها قد جعلت بأسها بينها فصغرت قوتها.

و القرآن الكريم لم يرفع الا قدر المتقين من الأمة و لا يعلي الا شأنهم. و قليل ما هم. و قليل من عبادي الشكور. و اما من كان بغير هذه الصفة من الأمة فالقرآن لا يضعه الا بالموضع الذي وضع فيه نفسه كل ذلك يجري في كل عصر و كل زمان. و دعوى ان جميع أفراد الأمة أو أكثرها بالصفة التي يريدها الله تعالى يكذبها الوجدان و القرآن و الآيات الكريمة التي تلاها قد بينا عدم دلالتها على ما يدعي من العموم. و كون المراد بكلمات الله الكلمات التي ستكتبها الأمة بخصوصها أو مع غيرها لا يساعد عليه دليل بل الظاهر ان المراد بها- و الله اعلم- آثار قدرة الله كما سمى عيسى ع كلمة الله ألقاها إلى مريم و كما قال: (انما امره إذا أراد شيئا ان يقول له كن فيكون) و لا ربط لذلك بالامة. و الذي قال عنه انه من أعجب ما يراه في نسق الآيات حقيق ان يقال فيه ان من أعجب ما نراه من هذا الرجل حمله آيات الكتاب الكريم على معان لا مساس لها بها. فقوله: (انما انا بشر مثلكم) اي [ليست‌] لست بملك بل بشر مثلكم شرفني الله عليكم بما أوحاه إلي من التوحيد فقد جعل نفسه مثل فرد من أمته في البشرية لا في غيرها و اي فضل في ان يكون الفرد من أمته مثل نبيها في البشرية.

و قال في صفحة (لح) كل حادثة إذا وقعت فالامة لا تخلو من حكم حق و صواب جواب يريه الله لواحد من الأمة. و قال في صفحة (لط) و ليس يمكن في العالم نازلة حادثة ليس لها جواب عند الأمة.

(و نقول): لو سلمنا ذلك و انها إذا وقعت حادثة و اختلفت الأمة في‌

نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 11  صفحه : 203
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست